الفصل الثاني

87 3 0
                                    


الفصل الثاني
ظلت تحدق في أمينة وكأنها تقيسها .. تقيمها .. اندفع صوتها بكبرياء الكون يحتويه تعالج ما سبق وتفوهت به بضيق وضعها في حرج خدش كبريائها أمام نفسها :"أعتذر، اندفعتُ للداخل بدون قصد مني ما إن وضعت يدي على مقبض الباب حتى حدث ذلك، آسفة مرة أخرى".
أجلى صوته وهو يرمي نظرة لأمينة كتوسل صامت (افعلي شيئاً أمينة، هاهي أتت إليكِ).. فلم يحصل على إستجابة بل تحركت عينا أمينة تبحث عن شيئاً فوق سطح مكتبها أدرك معه أنه لابد له من الفعل ..
اندفع صوته يهمس بأسمها الحبيس داخل صدره :" رؤى".

حدقت فيه فتلك الدرجة الحانية طالما أثرتها بينما نهل هو من عينيها الدخانية اللون وجمالها البالغ ذروته مع هالات الإرهاق داخلهما.. أخذ صوته يدافع عن سوء الفهم الحادث :"الدكتورة أمينة هي الطبيبة النفسية الخاصة بالرعاية .. كانت قد سألتني عن والدتك قبل حضور أحدكما .. بإعتباري أنا من جلبتها ".
ثم من تلقاء نفسه يندفع بكلمات مغازلة لم يظن يوماً أنه قادر عليها لكن الشوق إليها حرك عضلة لسانه : " أما عن الأندفاع أشكرك جداً، هل يقبل الرجل إعتذاراً لإندفاع امرأة فاتنة نحو صدره؟! خاصة أنت " .
همست رؤى بغير تصديق لما تسمع منه : "نعم.. يبدو أنك مصر على طريقتك ".
فابتسم بسحر قائلاً قاطعاً كل دروب الإعتراض منها : "سأذهب الآن، سأنتظرك بالخارج لنا حديث ضروري ".
خرج بلمحة وهو يدرك أنه هكذا ربما قطع الكثير من حديث الإرهاق بينهما ..

لم تعرف سوى أن به شيء تغير .. لكنها لم تستطيع وضع يدها عليه .. لن ترهق عقلها هنا معه .. فقد صار ماض وولى .. فلن تمكن رجل منها ومن قرارتها .. بعد ما مرت به مع الرجال ..
تجاهلت أمينة ما يحدث بخبرة عملها ..مدعية أنها تبحث عن ملف بإحدى أدراج مكتبها .. قبضت على أول ملف وقع بيدها .. فاعتدلت في جلستها وإبتسامتها المرحبة رسمت على وجهها الطمأنينة للوافدة المتوترة: "مرحباً يا رؤى، تفضلي بالجلوس.. تأكدى أني هنا للعمل فقط "
حضر صوت رؤى معتذراً عن ظنها مدافعاً عن موقفها :" اعتذر ربما تسرعت في الظن .. ربما لانه أول مرة يظل قريباً هكذا بعد فترة شهرين كاملين منذ أخر لقاء لنا ".
عادت أمينة تؤكد لها الدعوة للجلوس بإشارة يدها .. لبَّت الدعوة وجلست تنتفض على طرف المقعد تحت عيون أمينة الثاقبة تحلل كل حركة ثم بدأت:" لا أعرف شخصيتك تماماً .. لكن أي فتاة كانت ستظنه يدور حولها ليكون معها وليس لأنه خاطب أخرى .. ما الذي دعاك للتفكير في ان الأستاذ ضياء هو خطيب لأخرى مهما كانت .. تبدين له الآن كمن كانت تنتظر منه إلتفاتة".
امتقع لونها وعيناها راحت تجوب بكل مكان حول أمينة وكأنها لا تريد أن ترى تأثير كلمات أمنية في غمام حدقتيها ..أندفعت أظافرها اليمنى نحو راحتها اليسرى تضعها في لحمها .. لن تعترف أنها افتقدته بل كانت كلما تراه في موقع عملها في لمحات عابرة تريد التحدث معه .. لكنه كان يتوجه حيث مكتب رئيسها حتى يجتمع معه فكلاهما يحتل نفس المستوى الوظيفي ومؤكد بينهما اجتماعات من أجل العملاء المشتركين .. كم ألمها تجاهله لها حتى انه قد نسيها تماماً..
لم تطل أمينة إرتباكها عندما تحدثت بيسر :"لِمَ أنتِ متوترة بذلك القدر؟ وبدون شك لا تحتاجين تنويهاً مني أن ما تلقين به من حوار هو في صندوق مغلق".

واكتملت [الجزء الخامس من سلسلة فراء ناعم ][ الليلة فصل جديد ]Where stories live. Discover now