E P I L O G U E

1.3K 81 12
                                    


٣ مِن ينَاير ٢٠٢٠ | إحدَى شَوراع رومَا ،إيطاليا
السـاعـة الثَـانيـة ظُهرًا

تَركت آخر مَحل ملابس بمَلل و قَد تَعِبت و فقدت الأمل أن أجِد ما أبحث عَنه، وَقفت أمام زجاج أحد المطاعِم أُعدل خصلات شَعري القَصيرة التي أصبحت أثقل عن ذي قِبل. أكمَلت مَسيرتي و حتى أحد المقَاهى القَديمة بروما، لم أجلس به من قَبل لكنه يبدو لَذيذ. غير أنني ليس لدي الطاقة لأمشى أكثَر من ذلك فالبَرد قارص و الضبَاب بكُل مكان.
دلفت للمكان الدافئ لترن الأجراس الصَغيرة فَوقي تُفسد هدوءِ المَكان.

جلست على طاولة بجانب الزجاج تَطل علي الشارع، جَلستي المُفضلة بأي مكان أذهبُ له، موسيقي كلاسكية قَديمة ظَهرت فَجأة.. أغنية perhaps, perhaps, perhaps علي ما أعتقِد.
خَلعت نظَارتي السوداء و وضعَتها أمامي و أسحَب القائمة أُلقي نَظرة سَريعة لأطلب قَهوتي المُعتادة.. بالحليب و الرَغوة. أبتسم النادل و أخذ القائمة و ذَهب لأري ما هو خلفه... و أمتعن النَظر.

جَفّت الدمَاءِ بعروقي، و خَفق قَلبي لأول مَرة بقَوة بَعد مرور عَشر سنَوات، خَفق كأول مرة سمعت بها أُحبِك منه، خَفق كأول لَمسة يَد و أول عِنَاق.

تخلل خُصلاته الشَيب ، مِثلي لكني أُخفيها بالصبغات المُماثِلة للون لشَعري، بَعض التجَاعيد عَانقت عينيه و إطار النظارة يُخفيها، ذوقه لم يتغير بل كما هو.. مُنشغلًا كما يبدو بقراءة مَلفاتٍ مَا.
و حتى إن تَغير شَكله مائة و ثمَانين دَرجة فقلبي لا يَخفى عنه أبدًا... لوى.

نَهضت بدون تَفكير و كأن قَد قادتني فِطرتي نَحوه و سألت بصوتي الذي لم يسمعه مُنذ عِقد :
- أيمكِن أن أتناول قَهوتي مَعك؟

توقف كَفه عن تَقليب الصُحف، لم ينظر لي لكن يبدو أنه عَلِم مَن أنا، تَرك القَلم و أستغرقَ الأمرُ ثوانِ مَرت كالعقُود التَي مَرت حتى نَظر لى... لأرى زُرقتيه مَرة أخرى.
أدمعت عيني لكني تمالكتُ ذاتي حتى لا أفقد الزمام.

- إيميرالد..
همس به كأنه أفتقده، أفتقد أن يَنطقُ به، لا تسألوا كيف أكون مُتأكدة من ذلك لكني أعلمه جيدًا و أحفظه بقلبي كأنامل يدي.

- تَفضلي..
أكمَل بهدوء و وقار زائد عَن ذي قَبل فأبتسم و أجلس أمامه.. أخيرًا.

صمتنا لا أعلَم لمَتى و لكن حَتي جاءت قَهوتى و جاء مَشروبه الساخن الذي يبدو كالشاي!
- مازلت تُفضل الشاي؟
قُلت مداعبة لينظُر للكوب ثم لي و يومئ :
- ااه نعم، و انتِ.. تَستطيعين شُرب القَهوة الآن

فَهمت مِقصَده لأتذكر ذلك اليوم في استراحة الوقود عندما طلبت قَهوة فَرفض... أومَئت بدوري و عيني علي أصابعه الذي ليس بهم خاتم زواج.. أيعقل بعد مرور تلك السنين لم يَتزوج! لقَد شَارف على إتمام عِقده الرابع.

الحالة ٧٠٧ | case 707 حيث تعيش القصص. اكتشف الآن