.. التمهيـد ..

9.9K 261 12
                                    

بسم الله نبدأ ..
بنّي سليمان •• ملحمة شياطين الأنـس ••

_التمهيـد  .

.. ! ما قبل العاصفة ! ..

' واذا جاء يوم حق وتوزع الحُب، فيعاود نشر الحَب بين الطيور من جديد متساوياً '
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَلي صوت المذياع بأرجاء القصر بالقرأن الحكيم الذي كان يرتله القارئ ' مشاري راشد العفاسي ' بصوته الخاشع، كان الصمت يعم ارجاء البهو الا من بعض شهقات كانت تخرج في كل حينا والاخر، من سيدة القصر السيدة الوقور ' سوزان سليمان ' بالفعل كانت ملامحها متماسكة الي حد كبير، لكن بدون ذنب كل فنية والاخري تنفلت منها شهقة وجع جديدة دون انتباه منها، فالميت رفيق الدرب، الذي حيت معه عمرا كاما من حزن .. وجع .. وهناء !
قلبها المفطور من قبل علي ابنائها لم يستطيع ان يتحمل صدمة فقدانه التي اتت فجأة، لم تكن بالمفاجأة ابدا فقد كان السيد ' عبد الحميد سليمان ' مريض لمدة شهرين فاتوا وحالته في غاية الخطورة ايضا، لكن لانها تبغض فكرة الفراق ظنت انه سينهض ويهب الي الحياة مرة اخري، لكن كل هذا لم يحدث ..

خرجت من بين شفاتيها المغلقتين شهقة بكاء اخري متألمة، بدون شعور سقطت من عينيها دمعة بها الاف القصص التي تُحكي بداخلها بحروف وجعها علي زوجها الحبيب، لم تشعر سوي بكفا يربت علي ظهرها المنحني الذي لم يعتاد الانحناء في وجود زوجها مسبقا وصوت ' سلمي ' يقول:-
_ماما الحاجة كفاية كدا عينك من العياط .. حَمرت
قالتها سلمي ' زوجة حفيد سوزان ' بشفقة وهي ترمقها بحزن علي حالها، فمنذ علمها بالخبر وحتي تمام دفنه، والسيدة سوزان مازالت تبكي بلا توقف، تتماسك ولم يجدو تماسكها نفعا فتعاود البكاء، هكذا منذ التاسعة صباحا ولحتي حل المساء علي الاجواء ..

خرج صوتها متحشرجا ضعيفا وهو الذي ما كان يخرج الا قويا .. صارما في بعض الاحيان:-
_عبد الحميد مات ياسلمي، مش هشوفه تاني ياسلمي
وعادت تبكي، لكن تلك المرة سلمي اخذتها بين احضانها تربت عليها وهي تشاهد ضعفها بتألم عليها
رغم ان سلمي لم تكن يوما ذات قلب حنون .. عطوف، تستطيع جيدا ان تخفي عواطفها، لكن حالة السيدة سوزان بالفعل كانت تستسحب شفقتك وان كنت كارها لها ..

علي مقعد ساكن بالقرب منهم سكن جسد السيدة ' منال ' زوجة ابن السيدة سوزان رحمه الله منذ عدة اعوام فاتت ايضا، تبكي بحزن علي رجلا كان لها ابا بعد اب
خرج صوتها بداخل نفسها يهمس وهي تنظر الي سقف المنزل بوجع:-
_مين هيلم شمل العيلة من بعدك ياعمي ؟

فما تعلمه .. بل المتاكدة منه
ان هناك حربا سَـ تُقام بهذا القصر وتندلع، حربا قريبة لـ الغاية، بل هي علي بعد لحظات منهم، فبعد الكبير يبقي الصغار، وجميع صغار هذا المنزل، لا يوجد وصف قد يصف مـدي تهوراتهم .. !
                              . . . * . . .
كانت الساعة تصل الي العاشرة ليلا، حيث تحشدت شعوبا من رجال العائلة ورجال الاعمال، وعدة فروع اخري .. في الحديقة الملتفة حول القصر، علي طول مـمـر وُجدت عدة مقاعد كان امامها يقف عدة رجال تعرف من هيأتهم وسلامهم علي الذاهبين والحاضرين انهم اقرب الاقربون الي الميت، كان اخر ثلاثة من ناحية البوابة الخارجية هم الاقرب
الاول كان الحفيد الاول .. الواقف يتعامل بكل آلية ودون ردود افعال تُذكر بـملامح من جليد، يسلم علي الحاضرين يتقبل كلمات نعيهم بلا اجابات تُذكر
والثاني اجابته كانت تخرج احيانا بصوت يَكاد يظهر، والاخير كان اكثرهم تمالكا لنفسه ولاحزانه رغم انه الاصغر، فكان هو من يرحب ولو قليلا بالحاضرين
المشهد كان مهيبا
بالداخل صوت المذياع يغط علي مجلس النساء، وهنا صوت إحدي المشايخ يرتل بصوته القوي فيـزلـزل قلوب الجالسين
ظلوا يستمعون ويستقبلون، يودعون .. الي ان حلت الثانية عشر ليلا، فلم تبقي الا تلك الثلاث وجوه
جلس ' عابد ' علي مقعده وهي ينطق بتألم واضح:-
_رجلي لو حد قطعها مش هحس بيها
تابعه في الجلوس ' واجد ' اخيه الاكبر وزوج سلمي وهو يهتف بتأكيد:-
_كان يوم ميتوصفش
نظر عابد لـ ابن عمه الذي مازال واقفا ك صنم بلا حراك .. يسأله:-
_مش هتعلق انت كمان ؟
لم يبدو انه سمعه، فقد كان غارقا في بحور اخري بعيدة عن بحور اؤلئك، يفكر في الف شئ وشئ، يجمعهم شئ واحد وهو فقدان السيد عبد الحميد سـ يؤثر فيهم بلا شـك !

" بنّي سليمان ' ملحمة شياطين الأنـس ' لــ زينب سميـر "Where stories live. Discover now