الفصل السادس، عيون الماضي

882 29 3
                                    

الفصل السادس، عيون الماضي
حرك الليل جوفه، علي النغمات والمذياع يشدو بالانغام، فيقول بصوت الهمس في النسمات الهادئة التي تعطي بعض البرودة للوجه في ظل سقيع الصعيد....
عيون القلب سهرانة مابتنامش
لاأنا صاحية ولانايمة مابقدرش
يبات الليل .. يبات سهران .. على رمشى
وانا رمشى ماداق النوم .. وهوا عيونو تشبع نوم
روح يانوم من عين حبيبى .. روح يانوم
حبيبي .. حبيبي اه من حبيبي
عليه احلى ابتسامه ..
لما بتضحك عيونه .. بقول يالله السلامة
لما يسلم عليه .. ولا يقولي كلام
عايزه ورى كل كلمة .. اقوله يا سلام .. يا سلام
دا قالي في يوم .. يا حبيبتي خذي القمر
ورحت معاه .. وما اداني إلا السهر
وانا رمشى ماداق النوم .. وهوا عيونو تشبع نوم
روح يانوم من عين حبيبى .. روح يانوم ..
تقولي كلام .. وافرح بيه .. انا افرح بيه
اسيب النوم .. وافكر فيه .. انا افكر فيه
انت تقول وتمش .. وانا اسهر ما انامشي
ياللي ما بتسهرشي .. ليله يا حبيبي ..
سهرني حبيبي .. حبك يا حبيبي
بكتب ع الليالي .. اسمك يا حبيبي
دا قالي في يوم .. يا حبيبتي خذي القمر
ورحت معاه .. وما اداني إلا السهر
وانا رمشى ماداق النوم .. وهوا عيونو تشبع نوم
روح يانوم من عين حبيبى .. روح يانوم ..
حبيتك يا حبيبى من غير ماسأل سؤال
وحاسهر يا حبيبى مهما طال المطال
انا بس الى محيرنى و ما خلانيش انام
ازاى انا بقدر اسهر وازاى تقدر تنام
و أقوله حبيبي .. كل ما فيك حبيبي .. و حلو
صوتك ..حلو قلبك .. حلو
و حتى لما تتعبني و اسهرلك .. سهرك حلو
وانا رمشى ماداق النوم .. وهوا عيونو تشبع نوم
روح يانوم من عين حبيبى .. روح يانوم
....... وتنهد من قلب جريح ينظر للقمر، بعيون متالمة، ليكن في نفس الوقت حالة جذب وسرعة وحركة ونقل سريع لغرفة العمليات واندفاع بواسطة الأطباء، نزيف مستمر وحالة متأخرة، والموت وشيك، ويغلق الباب بين أنفاس لاهثة وخائفة، وترقب للوقت الذي يمر ببطء، وتجول من هذا ودعاء من ذاك وهذا يجوب المكان ذهابا وإيابا بحيرة وقلق، ساعات تمر باختناق، لحظات دعم خافتة أو سؤال متدوال ماذا حدث..... ليخرج الطبيب ويظهر عليه الجهد، ويندفع صاحب الفقد الأول بمرافقة الأخ، ليسال بلهفة : كويسة؟
نظر الطبيب لهم بشيء من اللؤم : ألحمدلله تجاوزنا الخطر ولكن لم حصل مضاعفات تانية مش هيكون في بس إجهاض، بل هيكون في مخاطر أكبر، زى اننا نشيل الرحم لو حصل تهتك ليه مقدرناش ننقذ الوضع......
سؤال بهديهي يسأل لهم وليس له : طب هو اللي حصل بالضبط يا دكتور، دي كانت زينة ، قبل اللي حصل بمافيش وقعت....
قال بصوت لائم لا يحمل فرضية عطف : يا حضرة، المريضة عندها أنميا حادة وكمان حمل وفي سن صغير ومشاكل وعدم انتظام الضغط والحالة الصحية ولا المعدل الحيوى ليها، وجاي تسألني علي اهمالك، لو في دولة تانية ومكان مافيش فيه سلطة للقوة زى الغاب زى هنا، كنت وقعت ضدكم محضر...، اهتموا باكل المريضة وعلاجها والفصوحات الدورية ليها، وتفاصيل الحالة هتاخدوها منا بعد ٢٤ ساعة، ممنوع الزيارات... المريضة في I. C... ولما تفوق وتتنقل في اوضة عادية هسمح ليكم بالزيارة، عن اذنكم....
اسلوب الطبيب كان فج معهم وخاصة معه، وهو ليس مذنب هو من تحاول إهمال نفسها والاجهاض عمدا ولكنه لا يستطيع أن يخبر أحدا بهذا، هي كل لحظة تمزق كرامته على طبق من ذهب، تضعها في السجادة الحمراء، لتكون في العرض الأول، ليقف الان امام أخيها الغاضب بعيون ثائرة متهجمة : دا اللي هتاخد بالك منها...
حاول الدفاع، حاول الحديث، فاجمله  معتصم قائلا :مش كل اللي بالغصب بيعيش يا فارس
صدم وحاول الفهم بعيدا اول خيار اتي له قائلا : تجصد اي
نظر له بوضوح وقوة وهو يضغط على مواطن جرحه جيدا : افهم الحديث يا ولد عمي، مش اللي جه بالغصب بيعيش، وهمس في أذنه قائلا : مش معني انك جبته غصب، نظر له الآخر مصدوم وتوقف التنفس لحظة، بينما اكمل هو : هتفتكر أن كل شيء هيعيش والايام بتنسي...
... ابتعد برهة وأضاف الآخر بصوت عالي : ورق طلاج اختي توصلني، هتكمل حملها في بيت أهلها، مش عاجبك هات ناسك وشيوخك وتشرف ياولد.... العم.... تأزم الموقف بين صمته وبين المتحدث هذا والواقع، وأخيه ينظر له أن يعبر عن جزء من الغضب حتي لو كان كذبا ولكن هو جلس بثبات دون حراك أو حديث، بينما ألقي الآخر كل محتويات الحقيقة السامة في وجهه وأمام الكل، ليزيل كرامته وترحب، تؤلمه ولكن أحيانا للمكاسب أشد سؤء.......
......................................
اخبرتها الخدامة بالتفاصيل، اهدتها بعض السلام الذي فقدته في سويعات قليلة بسبب ما حدث، أصلح الوجود هنا محفوف بالمخاطر والألم، الحقيقة فوق التحمل تريد الهرب، فهي تري هنا طيف امها وهناك موت ابيها، وبينهم صراخ وحلم موعود لمشهد الموت يمزق بقايا ما تبقي منها، اخبرتها أيضا بأن خالها ينتظرها بالأسفل، انهئ عمله سريعا، وانصرف إليها، يزف إليها خبر زواجه ولكن بعض الاطمئنان عليها، شحوب وجهها وما أصابها اقلقه، تنفس بطئ قبل أن يضيف : احكلي اللي حصل...
نظرة ثاقبة تخترق قلبه : الحقيقة لي كانت غير
فهم وتفهم ما تعني وقال : السليمانية طرف في معادلة مش ليها، هتخرجه منه قريب
تنهدت بحزن : حور مش هتجبيها لبر، مش هتغفر لفارس انه مكنش في البداية ناوى يحبها، وكان عايز بس يذل عائلتها ويذلها، لما يعلقها بيه ويرفضها بعد كدا زى ما اتعمل في امه، زى ما اتعلقت بشيء واختفي، بس الموضوع قلب معاه جد وحبها واهتم وداب واليوم لما العهد إذن والحقيقة بانت، ولأن الغلط كان علي الحدايدية وابنهم اللي غدر، واحد كان لازم يوقف السلاسل والسلسال دا وواحدة بواحدة، وكانت حور الثمن، وقتها انكشف الحب للعنة، ومقدرتش تتخطي حاجز الخوف والكذب، وهو عند أول غلطة افتكر تاره القديمة، عند أول ذلة لسان انتقم.... الموضوع بقي مؤلم بينهم وموجع ودا بسببي، حتي موت عبدالله وابويا وشلل عمو كان بسببي...
خفف عنها وهو يضمها ويمسح أثر دموعها التي بدأت تنهمر بقوة مع صوت مختنق يصارع : حتي جدو ومتتصم سابوني لجدو وليكم بعد ما اتعلقت بيهم وحبتهم، سابوني سنين... لوحدي... بعيد عن الكل زيارات بس وبرجع تاني برا لوحدي في غربة وبرد ووحدة، الكل بعد خوفا يا خالو، انا لازم امشي...
حاول التخفيف عنها قائلا : وسام اهدي، استني كل شيء يهدأ، علي فكرة معتصم بيحبك.. وهي...
قطعت حديثه : انا هطلق، يا خالو، انا مش بحب حد، ومكاني عمره ما كان هنا ولا معاه هو بالذات...
كذبت وهو لم يكن من المصدقين... ولكن حرب والحرب خسائر حتي كانت السلامة اول المكاسب الناتجة..... فالإسلام في الفراق عبادة الغريق.... ........................................
......
جلست بجوارها مروة تسرد لها بعض الحكايا والقصص، ولفت نظرها صورة والدهم، ليس عليها حداد ولكنه ليس موجود... فسالت : هو والدك مات امتي
عبست وتهجم وجهها، حاولت برع حلقها، لم تستطع، ربت على كتفها قائلة بتفهم : لو سيرته بتوجعك خلاص انا اسفة، ربنا يرحمه.....
نظرت لها بشيء من الغضب قائلة : هو مش ميت متجوزش عليه الرحمة، كلنا قولنا انه مات ولكن مماتش
جلست للاسفل تستمع لها : بابا حب واحدة علي ماما وعرض علي جدي وجدي رفض وحرمه من كل حاجة، فاتجوزها وسابنا ومنعرفش عنه حاجة من وقتها ولا اخباره ولا راح فين حتي بعد الحرب، كنت بنت ايام وكام سنة وضفيرة لما مشي، يومها شوفته وهو سايبنا وملفش وراه ولا بص علينا ولا عليا، قولتله أفضل اترجتيه أو يجي يشوفني يشوفنا، استنينه كتير ومجاش... وبس كدا...
أمسكت بيدها لتدعمها وضمتها قائلة بحب صادق نابع من كون الإنسان خير ولكنه متطرف الطرق : متزعليش هو مش يستاهل يكون عنده حد شبهك انتي بالذات، تعرفي يا مروة انتي انضف واحدة فينا كلنا....
ابتسم بشيء من الخجل يكسؤه الحزن وأكملت : بس حكيم ورث كل حاجة من جدو ورث عنه القوة والقلب الناشف، تعرفي ان جدو قتل عمي ابو حسين لما اتمادي في الغلط واستغل غياب اخوه وبيبقي يوم في الشرق ويوم في الغرب
تجمدت ملامحها، فاكملت الأخري : مدافعش عنه وسابه لاعدائه ياخدو حقهم ناشف وكان التمن روحه، هو حذره وحماه كتير ولكن الطريق الغلط مش بيدوم، وزيه كان حسين، بس حسين جبان...،
فسالت بتوجس:وجوزك الأول!؟...
هزات رأسها مستزائه مبتسمة : كان خائن وحسين طماع، عارفة يا لوجين انا عايزة اجرب مرة أن حد يحب مروة، يحب انا بعيوبي ومميزاتي، تعبت من الاختيارات الغلط... والناس الغلط، محتاج اعيش يوم واحد في الاحساس دا....
اقترح قائلة : متطلقي من حسين....
أضافت قائلة : الخوف ساكن هنا يا لوجين، هنا حي مش بيموت، وأشارت لقلبها في عجز... تعبت من حياة تحلم بها وتفيق على كابوس وفراق وصراع مع النسيان وبكاء جديد..... ربت على كتفها قائلة : اشربي العصير ورقي دمك وانا متأكدة أن هيجي يوم وانا هلبسك طرحة وفستان لحد مروة بتكون بتحبه بجد... ولا اي...
ابتسمت قائلة : لوجين، بجد وجودك جنبي فرق جنبي، انت بجد اختي وانا بحبك يمكن اكتر من حكيم نفسه....
نظرت لها نظرة جانبية وقالت : مش عايزة أتدخل بينكم، بس حكيم بيحبك ولو قربت خطوة، يقربلك بلاد.... فلو مافيش مشاعر بينك وبينه حاسبي على تصرفاتك.... وبلاش الكذب، جبروت حكيم في الغضب أصعب من جبروت جدو الف مرة.....
..... بعثت تحذير أخوى دون فهم اي مخطط وهي لم تكذب، فمن أحب واقترب بلاد، عند الغضب يحطم ويحتل كل الأجواء، وما زرع من ازهار يجنيه دماء......................................
....... تجلس بترقب وبجوارها سلمي، تجوب المكان في خيرة وقلق، حتي فتح مالك الباب وهو يحمله، لتندفع إليه تحمله بحب وترفع بحب وملئت عيناها الدموع باكية، وتضمه قائلة بحب وحنين :محمود وحشتني اوى، وقربته لسلمي قائلة بدفء : فيه ملامح من محمود الله يرحمه وهو صغير، شايفة، هجبلك الصور واوريك انتي وترنيم... وأخذت تحمله وتهدده وهو ينظر لها بحب قائلا وهو يخرج ورقة من جيبه : شهادة ميلاده... أمسكتها برفق وهو تري اسم وبجواره اسم ابيها والعائلة، واسم الأم كانت والدتها حافظا على مشاعر الصغير مستقبلا، نظرت له بحب وعينها مازالت متتلئة بالدموع.. قائلة : مالك انا متشكر ة اوى، انا مش عارفة اقولك اي، وختمت القول بنغمة أفضل وهي تستند على كتفه وفي احضانها الصغير ليضمها ويكون وجهها له : مالك انا بحبك....... ابتسامة وسعادة تعبر ونظرات متبادلة تعني المزيد الذي لا يتوقف ...........
.......................
طاولة الطعام والصغير صامت لا يتحدث واليوم مثل الأمس مازال يفكر في اسمه له وكيفية التعامل فأمر الايام دون أدني خطوة تذمر، مما يبث الحزن داخله، يريد امتلاك طفله، يريد أن يحيي معه، فهو أثره الأخير......... والباقي...........
..........................
تلعب من صغيره، بينما هو عائد من سفره مرهق ليقول : مافيش حمدلله على السلامة يا سيلين
نظرت له، وقالت : نورت....
صعد غرفته قائلا : اتمني تكوني عندي الليلة، عايزك
..... صراع آخر علي الوجود بلا فائدة......
..............
ألقي الباشا قوله جملة واحدة قائلا : جهزى اختك في حد متقدملها وانا أقنعت ابوها، الناس جاية يوم الجمعة الجاية، اتمني تجهزى
الرفض في قانونه مرفوض، والاسالة ليس لها معني...
............ وأما هو يخطط للقاء صغير، ودرس أهم...
يتبع

خطايآ المارد، الجزء الثاني من سلسة معزوفة العشق Où les histoires vivent. Découvrez maintenant