الـفـصـل الـرابـع¦ مـريـض

127 31 42
                                    

تتضارب الأمواج مُصدِرة بعض الأصوات التي بدت كالنغمات المُنمَّقة في أذني لوكا.
قاطع تلك النغمات رنين هاتفه، كانت والدة لوكا هي المُتصِلة.

أجاب عليها بجموده المُلازِم له
«مرحبًا أمي»

«صغيري اشتقتُ لكَ كثيرًا» أخبرته بنبرة تغزوها مشاعر الأمومة، فابنها دائم السفر والترحال لذا لا تُتاح لها فرصة رؤيته كثيرًا.

«لستُ صغيرًا أمي، كيف حالك؟» حاول إظهار حنينه لها لكنه لم يستطع

«كفاك عجرفة أيها الشاب الصغير وأخبرني لمَ لا تهاتفني؟ أأنستك معالم فلوريدا وفتياتها والدتك؟» قلب عيناه بضجر على تبريرها السخيف

«أعتذر أمي» اختلق نبرة آسفة كي يُرضي والدته التي لن يُرضيها صموته

«أيًا يكن، كيف هي الأحوال مع فيوليت سمعت أنها أعدت لك حفلة صغيرة بالمنزل» أنهت جملتها بنبرة لعوبة ضاعفت رغبته لإغلاق الهاتف وإطعامه للبحر

«أجل فعلت» أجاب مختصرًا

«إلهي أليست غاية في اللطافة؟»

«أجل» أجاب على مضض آمِلًا أن تُغيِّر موضوع الحديث لكنها لم تفعل

«أجل فقط؟ بربك إنها تحاول فعل كل ما يُمكنها فعله لأجلك، على الأقل أظهِر لها بعض الحب!» وبخته بخفة فلم يُجِبها فتأففت مُستأنِفة

«لوكا! كم مرة عليَّ إخبارك بالاهتمام بفيوليت؟ إنها حبيبتك لوكا أتُدرِك إهمالك تجاهها؟ رُغم ذلك هي لم تسأم منك قط، تُحاول إخراجك من عالمك العازِل لكَ عنّا. فيوليت... » امتعض لوكا داخليًا، فقد حفظ نصائحها تلك عن ظهر قلب لدرجة تُمكِّنه من إسكاتها وإكمالهم.

أبعد الهاتف عن أذنه قليلًا لينعم ببعض الهدوء، شرد في البحر أمامه ونسى تمامًا أن والدته لم تُنهِ المكالمة.

«لوكا، لوكا أتسمعني؟ لوكا أأنت بخير؟» نبرتها القَلِقة أعادته للواقع.

«أجل أمي، سأغلق الآن وداعًا» ضغط على زر إنهاء المُكالمة قبل أن يُعطيها فرصة توديعه حتى.

«مهلًا مهلًا.. لوكا؟!» أستنبطت أنه قد قطع الإتصال لذا تنهدت بحنق قبل أن تضع هاتفها جانبًا وتنظر إلى والدة فيوليت التي تُعد صديقتها الوفية مُنذ الصغر

«أكان من الصواب أن نُعرفهم على بعضهم البعض؟» تساءلت والدة لوكا بريب لتُجيبها الأخرى بغيظ

«بالطبع لا ،كيف يكون صوابًا وابنتي تُشعل أصابعها العشر نارًا لابنك وهو لا يكترث؟ أي علاقة حب هذه؟ إنه المُنتفع الوحيد منها بل وأيضًا تلك الغبية فيوليت تريد مُستقبلًا معه، هه لم أكن لأستئمنه على غدي حتى.»

ثارت المشاعر كالبراكين داخل والده لوكا وحُقنت وجنتاها بالدماء قبل أن تصيح بها قائلة
«لا تدعين عدم معرفتك سبب تصرفاته إليزا، أنتِ على علم بأنه مريض منذ البداية ومع ذلك لم تُعارضي. أين كنتِ عندما قررنا أن نُقدمهم لبعض؟ ألم تكوني من أشد المؤيدين لتلك العلاقة؟ أخبرتك مرارًا وتكرارًا أن الأمر لن يكون هينًا وأن زمام الأمور ستبقى في ضياع وأنتِ تفهمتي ووافقتي. لمَ تُلقين باللوم علي الآن؟»

لم تسطتع إليزا الحديث، هي تعلم تمامًا أن لوسيانا على حق لذا آثرت الصمت.

«لا تقلقي إليزا، لوكا لا يشعر، لديه توتر مرضي لكنه لن يُقدِم أبدًا على إيذاء فيوليت.» أردفت لوسيانا تحاول طمأنة إليزا.

«أعلم هذا بكل تأكيد، آسفة لأنني انفعلتُ منذ قليل. أنا فقط قلقة على ابنتي» حاولت إليزا تبرير موقفها فأجابتها لوسيانا

«هما كبيران بالفعل ويستطيعان تدبُّر أمرهما »

«أنتِ مُحقة، بالمناسبة أعلمتِ ما حدث لابنة خالة جارتنا؟» همَّت إليزا بتغيير الموضوع، لاحظت لوسيانا هذا لكنها بدأت بمُجاراتها.
_

فى مُنتصف ليلة عيد مولده حينما غادرت فيوليت كان قد غلبه الإرهاق فغفل على الأريكة ضامًا دفتره إلى صدره..
الطرقات الخفيفة على باب منزله لم تُقلق نومه العميق.

ازداد صوت الطرقات أكثر وأكثر ليفتح لوكا عيناه بخمول شديد، ألقى نظرة خاطفة على الساعة ليجدها الواحدة بعد منتصف الليل. أيعقل أنها فيوليت؟

استقام من على الأريكة يتحرك بجسده يمينًا ويسارًا غير قادر على موازنة حركته بعد. حينما وصل إلى الباب كاد يُجزم أن الطارق قد كُسرت يداه إثر دة طرقه. فتح الباب بينما يفرك النوم عن عيناه لتستقبل أُذناه صوتًا مألوفًا للغاية

«صديقي اليافع»

Mer ¦ مـيـرWhere stories live. Discover now