الـفـصـل الـثـامـن ¦ هـا قـد أتـى

161 27 106
                                    

«وبهذا انتهى التسجيل، شكرًا لإبداع حنجرتك لوكا» قالها كريس بينما يمد يده نحو لوكا الذي مدّ يده هو الآخر لمُصافحته ثم نزل الدرج وخرج من المبنى.

كانت سيارته السوداء الفخمة ذات الزجاج الفيميه تفترش أرض الشارع التي لا تليق بفخامتها تنتظر ولوجه إليها لينطلق بها نحو وجهته.

بدأ في القيادة ثم أخرج هاتفه ليتصل بأحدهم

«لوك خاصتي! كيف كان التسجيل؟» صاحت فايوليت بحماس سعيدة باتصاله

«كان رائعًا، سارت الأمور كما خُطِط لها وانتهى التسجيل اليوم» أجابها لوكا بنبرة حاول جعلها هادئة لكن تخللها بعض التوتر الطفيف، أنهى جملته مُبتسمًا رغم أنها لا ترى ابتسامته تلك.

«هذا رائع، فخورة بكَ عزيزي» نبست بها بنبرة مُفصِحة عن مدى سعادتها وفخرها به.

«شكرًا فاي، بالمناسبة ألن تأتي لزيارتي في المدينة؟» سألها لوكا مُحاوِلًا تناسي توتره، فقد انتقل إلى تلك المدينة منذ مدة ليبدأ مسيرته المهنية بها.

«سآتي قريبًا، أاشتقتَ إليّ بتلك السرعة؟» أجابته وتحولت نبرتها للعوب في نهاية الجملة ثم قهقهت بشدة.

«امم.. إذًا سأذهب إلى الطبيب النفسي الآن، أراكِ قريبًا فاي» قالها كمُحاولة منه للتهرُّب من الحديث ففهمت فايوليت لكنها لم تُرِد إحراجه أكثر فجارته.

«حظًا موفقًا عزيزي»

قطع الاتصال محاولًا إزالة تلك البسمة السخيفة عن وجهه قبل أن تقع عيناه على عُلبة صغيرة فخمة يكسوها اللون الأسود المُرصع بنقوش فضية ساحرة خبّأها داخل درج سيارته لكنه تناسى أمر إغلاقه، هناك حيثُ يقبع أعظم قرار قد يتخذه المرء لتحديد مسار حياته، لكن ومع ذلك سيجازف؛ لأنها تستحق.
***

عقب انتهاءه من جلسته مع طبيبه جورج خرج بابتسامة غير معهودة تُزين ثغره فطبيبه يُعد من أكثر الشخصيات لُطفًا، دائمًا ما كان يرى في لوك أحد أصدقائه الأوفياء بينما لوكا أُعجب كثيرًا بشخصيته وما يتحلى به من نزاهة، مما سهل أمر اندماج لوكا معه.
كان لوكا مُصرًا على هذه الجلسات وعلى العلاج كطالب يستذكر ليلتحق بجامعة هارفارد، كان علاجه هو كل ما أهتم به في الآونة الأخيرة لكن مع ذلك لم يقسو على ذاته، كان يتقبل الفشل الذي عاهد طعمه جيدًا، ورغم كل شيء كان يعاود الوقوف بمساعدة حبيبته وكلماتها الحنونة.

ركن سيارته بجانب إحدي مراكز التسوق ثم دلف للداخل ولم يلبث حتى خرج بصحبة زجاجة من النبيذ الأبيض قام بشرائها لسبب مجهول.

***
أراح جسده على صخور جبلية صلبة بينما يده تقبض على زجاجة النبيذ الفاخرة، إحتفالية متواضعة مع كأس نبيذ وسماء صافية يتوسطها النجوم.

جال ببصره نحو أضواء المدينة والسيارات والمارة الذين يبدون متناهين الصِغر بسبب ارتفاع مجلسه.
وعند حدود المدينة، يفترش البحر مساحة شاسعة حتى لامست أطرافه الأُفق البعيد.
لم يكن يعلم أن هذه البقعة من التل ستغدو ثاني أحب مكان له، فبالطبع جميعنا نعلم ما هو الاول.

أحجم الكأس بين يده بإحكام قبل أن يُفرغ بعض النبيذ بداخله.

أمسك هاتفه بتردد، لكنه عزم على فعلها ففتح تطبيق الانستجرام وأنشأ حسابًا خاصًا به.

أدخل اسم المستخدم الخاص به لكنه لم يكن لوكا أو لوك أو ما شابه، ما الضرر من استخدام اسم شهرة بسيط؟ تحركت أنامله بخفة بين الحروف ليدون كلمة
«مير»

وفي خانة السيرة الذاتية ظلّ ثوانٍ يفكر فيما عليه كتابته حتى لاحت تلك الجملة في عقله فسارع بكتابتها:

«أنا البحر الذي سيُلهمكم رغم اضطرابه»

تراقصت الإشعارات على شاشة هاتفه مُفصِحة عن عدد المُتابعات المهولة التي تلقّاها منذ الثواني الأولى لإنشاء حسابه.

كلما انتظر أكثر كلما هجم المتابعون على حسابه بطريقة هستيرية، عيناه تشع بالدفء بينما يراقب تلك الآلافات تزداد.
من كان يخيل له أن لوك المريض النحيل قد يصنع مجدًا يومًا ما؟
قهقه لوكا بصخب على ما يجول بعقله قبل أن يرفع كأسه اتجاه السماء كما لو أنه يعرض عليها نخبًا، نخب فجر متلألئ بنجاحه، همس ثغره الباسم قائلًا:

«ها قد أتى اليوم يا جنيتي»

.

.

.

النهاية

Mer ¦ مـيـرWhere stories live. Discover now