#17

141 27 27
                                    

"يا رِفاق سأُغادِرُ أنا فَقد تأخَّرت"

"حسناً آن وداعاً"

"عودي بأمان"

"ابعَثي لي بِرسالة فورَ عودَتِك"

أومأت لَهُم مَع ابتِسامة لِتُغادِر، استَقلَّت الحافِلة التي ولِحُسنِ الحظ لَم تجلِس تَنتَظِرها كَثيراً

جلسَت تستَنِدُ برأسِها علي النَّافِذة لِتتنهَّد
"أيَّتُها الليلة فلتَمُرّي بِسلام"

وصلَت بيتَها بَعد قرابَةِ الـ15 دَقيقة لِتَفتَحَ حَقيبتها بَاحِثَةً عَن المِفتاح

"اللعنة أين هو"
جلسَت القُرفصاء تُبحَثُ جيداً بينَما ملامِحُ الخَوف بدأت تَتمَركَزُ علي وَجهِها

نَهضت تَنظُرُ لِبابِ مَنزِلها بِخَوف، زفرَت الهواء بَينَما تَمركَزت يَدٌ علي خصرِها واليد الأُخري بين خصلات شَعرها تُفكّرُ ماذا تَفعل

أنزَلت يداها لِتَلتقِطَ حقيبَتها مِن الأرض و تذهَب وِجهَة الباب نِيَّة دقّ الجَرس
"أتمنَّي ألَّا يَحدُثَ شيء"

دقَّت الجَرس لِيَكون مُستَقبِلُها صَفعةٌ والِدها، كانت قَويةً كِفاية لِجَعلِ وَجهِها يَلتفُّ جانِبيَّاً

"أيَّتُها الساقِطة، أتجرُأينَ وتعودينَ بِهَذه الساعة إلي البَيت؟"
قالَ مُشيراً ورائهُ علي الساعة

بصقَت دِماءها لِتَنظُرَ لَهُ ولِلساعة
"عن أي ساعةٍ تَتحدَّث إنها السابِعة مساءاً"

"أَتُجادِلينني أيضاً، يَبدو أنَّ تِلكَ العاهِرة لَم تُربّيكِ"
مَدَّ يَدهُ مرةً أُخري نيَّة صَفعِها، وما لَم يَتوقَّعه هو إمساكُها لِرُسغِه بِقوة تَمنعُهُ مِن إكمال ما كانَ يَنوي عليه

"إياكَ ثُمَّ إياك التَّحدُّث عن أُمي بِتلكَ الطَريقة، لا تُساوي نَفسك بِها، ألَم أُخبِركَ صَباحاً؟ لَم يَهتمَّ بي أحدٌ طوال حياتي سِواها، بينَما كُنت أنت في المَلهي مَع عاهِراتِك المُقززات أولئِك كانَت هي تُصارِع لِإيجاد طريقة لِدَفع ثَمن ديونِك وأخطائك، كُنت تَرجِعُ كُلّ ليلةٍ ثَمُل وتَضرِبُها بِلا رَحمة والمِسكينة تَحت يديك تَتوسَّلُ رَحمَتك ولَكن لا حياةَ لِمَن يُنادي، كانت تَبثُّ الطُمأنينة في قلبي بينما كانت هي في أمسِّ الحاجة لِمَن يُطمإنُها،

أأُذَكّرُك أيُّها الرَجل المُحتَرم بِتَركِكَ لها تَموتُ طَريحَة الفِراش؟ أأُذَكّرُك بِرُكوعِها لَك وتَوسُّلاتِها المتكرِّرة لِتَدفَع لها علي الأَقل نِصفَ ثَمنِ عِلاجِها؟ كانت سَتعيش، كانَت آخرُ فُرَصِها بَينَ يَديكَ لَكِن ماذا عساكَ أن تَفعَل؟! تَركت مَريضة السَّرطان تَموت لِشُعورِك بالنَّقص واسِتمتاعِك بِدموعِها تَنهَمِرُ فَوق حِذائِكَ باهِظ الثَّمن وتوسُّلاتِها الطارِبة لِمسامِعك،

قد تَركتَها تَموت، تَركتها تَموت ولَم تُكبّد نَفسَك حتي عناء الوُقوفِ أمامَ قَبرِها والصَّلاةِ علي روحِها قَليلاً، ولَم تَتوقَّف حتي عَن عاداتِكَ تِلك،

هي كانَت الأُم والأب، كانَت كُلَّ شيء، حتي بَعدما ماتت، لَم تُفكّر بي، تَركتَني وغادرت بِلا عَودة كأنني لَم أكُن ابنَتك

لَقَد مات أبي وأُمي، لَست أبي أنت قاتِل، أتسمَعُني أنت قاتِل وجزاءُ القاتِل المَوت"

كانَت تتكَلَّم بِحَنق تَشُدُّ علي يَده مَع كُلِّ جُملة، دُموعَها كانت تتسابَق مَن سَتخرُجُ مِن عينَيها أولاً، صَرَخت آخِرَ جُملَتِها لِتُفلِتَ يده بِعُنف وتَستَدير ذاهِبة مُتجاهِلةً نِدائاتِه عليها

___________

ساعةٌ مِنَ السَير إلي المَجهول لَم تَخلو مِن بُكائِها الحارِق المَكتومِ لِوَقتٍ طَويلٍ حقاً

"لُمَ تَركتِني يا أُمّي لِمَ ها؟، ألستِ تُحبينني؟ أسئِمتِ مني؟ في حضنِ مَن أختَبِأُ أنا؟ مَن َيُخَفِّفُ عني آلامي؟ مَن َيُعوّضُني حنانَ الأب؟ مَن يُخبِرُني بِأنهُ فخُورٌ بي حتي إن حَصلتُ علي دَرجةٍ سيئة بالرِياضِيَّات وأنَّهُ  وَيكفِ فَقط تَعبي واجتِهادي؟ مَن يَشتَرِ لي المُثلَّجات بالفراوِلة كُلَّما حَصلتُ علي تقييمٍ جيدٍ بالمَدرَسة، مَن يا أُمي مَن أَخبِريني؟"

مَسحت دُموعها لِتُكمِل
"يالي مِن أنانية، لَم أفَكّر بِمدي مُعاناتِكِ بِهذِه الحياة، المَوتُ ارحَمُ لَكِ مِنَ المُحارَبة بِهذِه الدُنيا، لابُدَّ وأن أملَكِ خاب، أسِفة، أسِفةٌ حقاً"

قالَت مُعاوِدَةً البُكاء لَكِن بِلا صُراخِ هذه المَّرة، فَقَط بُكاءٌ ضَعيف لِقوي خائرة وجَسدٍ ضَعيف لَم يَعُد يَقوي علي المُقاوَمة

"لِمَ لا تَستَطيعُ أضواءُ الشارِع إضاءةَ عَتمَةِ روحي كما عَتمَةُ الطُرُقات؟ سإمتُ التَّظاهُرَ بِأنني بِخَير"

قالَت بِضعف لِتَسكَن قليلاً، فَقط دُموع تُعبّر عن مَدي صُمودِ ذارِفِها

اهتَزَّ هاتِفِها بَعد وَقتٍ لِتَنظُرَ لَه بِسُكون، قَرَّبتهُ إلي أذُنِها بَعدَ فَتحِه لِتَتكلَّم

"مرحباً"
الضَّعف رافَقَ نَبرتَها لِتَستَغرِبَ الأُخري

"آن مالخَطب؟"

"سويون، سويون أنا لستُ بِخير، قلبي يؤلِمُني سويون أنقِذيني"
شهقاتٌ كانَت تُقاطِعُها بينَ كُلِ كَلِمة تَنبس بها بينَما تَشُدُّ علي مَكانِ قلبِها بيدها وبالطّبع لَن أنسي دموعها المُتعلّقة بخدّيها لا تُريد التوقَّف عن المُرور بهما كُل ثانيةٍ والأُخري

"آن، آن أين أنتِ؟"

نَظرت حولَها لَكِن لَم تَستَطع تَمييز موقِعها أثرَ بُكائِها الهستيري
"ل.لا أعلَم"

"حسناً لا تتحرَّكي سآتي إليكِ"
قالَت لِتُقفِل الخَط، أنزلَت الأُخري الهاتِفَ مِن علي أُذنِها ببطأ مع استمراريةِ شَهَقاتِها وبُكاءِها

"أشعُرُ بالدُّوار"
هَمست لِنفسِها قَبل أن تَستَنِد علي الحائط بِجانِبِها، لِحُسنِ الحَظ قد كانت جالِسةً علي الأرض أساساً لِذا لَم تَسقُط أو تُصِبها جروح ما إن أُغشي عليها
______________

رأيكم؟

حبيت أفكركم أن البارت ده لسا من الفلاش باك بتاع تشو، يعني سويون لسا مكانتش تعرف جيهوب و كدا فاهمين؟

مش فاهمين طبعاً

Stay safe

مائة طَريقة لِقول أُحبُّك | JHSWhere stories live. Discover now