خاتمة الملحمة البشرية

215 15 2
                                    

[هناك إفساد لأحداث رواية كل الغد/All Tomorrows]

8.7 مليون صنف من الكائنات الحية بالإضافة للجن وبعض الملائكة والكائنات الما ورائية الأخرى ولربما بعض الزواحف المتحولة الفضائية، تسكن جميعها الأرض بسلام ولم يتسبب أحدهم بالمشاكل سوى كائن واحد مزعج اسمه الإنسان. لطالما كان البشر كائنات مزعجة مؤذية مُرهقة، لم يسلم أحد من أذاها حتى نفسها! ومن هنا جاء اتفاق عام على وجوب وجود نهاية لهذا الكائن الظالم، فقالت الأديان بقيام يوم القيامة، وقال العلم بانقراض البشر، وهذا هو موضوع مقالنا اليوم، انقراض البشر.

موضوع انقراض البشر صعب ومليء بالعقد والتشابكات عندما يأتي الأمر للحديث عنه في شكل مقالي، على الأقل بالنسبة لي؛ فلا يمكنني سماع عبارة «انقراض البشر» دون ربطها برائعة كوزمين «كل الغد» وتجربة كالهون المسماة «بيوتوبيا الفئران» وعلامات الانهيار المجتمعي وعلم الحيوان/التطور التوقعي وغيرها من المواضيع التي لها علاقة بفكرة انقراض البشرية.

أعتقد أن بوسعنا البدء بالحديث عن الموضوع بذكر أن فكرة انقراض البشر ليست حديثة وإنما كانت نهاية البشرية هي شغل البشر الشاغل منذ قديم الزمان، وقد لا تتفاجئون إن قلت لكم أن أوائل فلاسفة الغرب كانوا مؤمنين أن البشر لن ينقرضوا ووفاتهم هي جزء من سلسلة ستظل تتكرر للأبد، وأن أول من اقترح إمكانية انقراض البشر كانوا فلاسفة وعلماء عرب ومسلمون منهم الغزالي رحمه الله في القرن الثاني عشر تلاه بعض الفلاسفة الأوروبيين في القرنين الرابع عشر والخامس عشر، مقترحين إمكانية تواجد عوالم أخرى منها عالم لا تتناسب بيئته مع حاجات البشر فإما انقرضوا منه أو لم يوجدوا به أصلاً. ومع ذلك رفض البشر الفكرة، فكيف لمحور الكون أن ينقرض! وأخيراً في عصر التنوير -القرن السابع عشر والثامن عشر- تقبل محور الكون أنه ليس محور الكون حقاً وسينتهي به الأمر منقرضاً من على وجه الأرض. ومع ذلك لم تلقى فكرة انقراض البشر رواجاً في الساحة العلمية قبل القرن التاسع عشر حيث بدأ بعض العلماء بالحديث عن التعداد السكاني مثيرين بذلك الأدباء للتجول بخيالاتهم وإنتاج أعمال أدبية خيالية عن فكرة الانقراض لتزيد شعبية الفكرة أكثر وأكثر إلى أن نشر تشارلز داروين كتابه «أصل الأنواع» ليدرك البشر وأخيراً أنهم ليسوا بتلك الكائنات المميزة التي ستتسبب في توقف الزمن عن التقدم بمجرد انقراضها.

وإن كان هناك القليل بعد ممن لم يؤمن بإمكانية انقراض البشر فقد جاءت الحرب العالمية الأولى والثانية للقضاء عليهم، بالمعنى الحرفي والمعنوي. أصبح العلماء الآن مدركين لحقيقة أن انقراض البشر فكرة شديدة الاحتمال وأن عليهم الآن البحث عن الأسباب والعثور على حلول أيضاً قبل أن تتحقق هذه النبوءة المشؤمة!

منذ وعينا على هذه الدنيا ونحن نسمع عبارة «حيوان منقرض» و«حيوان مهدد بالانقراض»، ولطالما سمعنا أن أسباب انقراض هذه الحيوانات متعددة كنقص الموارد وكثرة المفترسات، ولكن أكثر سبب كنا نسمعه هو البشر؛ فيُقال أن الصيد الجائر للحيوان كذا من قبل البشر/الصيادين يهدد هذا الحيوان بالانقراض! ويا للمصادفة؛ يبدو أن البشر يهددون البشر بالانقراض أيضاً، فالسبب الأكثر احتمالاً لانقراض البشر هو الانقراض الذاتي؛ حيث ستدمر البشرية نفسها، وهذا هو لب مقالنا اليوم، كيف ستدمر البشرية نفسها؟

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jul 30, 2021 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

أنا لست مجنونة! أقسم!.. ربما؟// I'm not crazy! I swear!.. Maybe؟حيث تعيش القصص. اكتشف الآن