|1| لا تكتمل القصص دون وجود شخص ظالم.

1.9K 98 77
                                    


استيقظ جميع من في القرية الصغيرة على صوت قرع لطبولها الرايات تهتز يميناً ويساراً، الهواء يعصف بشدة، الغيوم السوداء تتجمّع بقرب بعضها البعض لتسدل الستار عن قارب آخر أتى ومعه منفيُّ جديد .

الفكرة وحدها كانت تدفعهم لليأس، تُشعرهم بالحزن والبؤس فوق بؤسهم أضعافاً مضاعفة، كأن جبالاً من الهّم والأسى تجثم على صدورهم وتضغط عليها بشدة.

إنه رجل آخر بكل تأكيد. أتى حاملاً معه قصة أخرى من الأسى والكثير من الظلم. الكثير من الانكسار سُيسمع في صوته. سيعاني كما عانى الذي من قبله هنا، سيود لو أن قتلوه ولم يأتو به إلى هُنا. ولكن لا مفرّ أمامه إلا الصمت.

ما هذا إنها فتاة! لكن كيف يحدث ذلك ؟؟ لم تنفى فتاة من قبل !! لم يحدث أن وصلت بهم الدناءة لهذا المستوى؟ كيف يرسلون فتاةً بين المئات من الرجال، منهم الدنيء ومنهم الشريف. لكن بالتأكيد عند رؤيتهم لها بعد انقطاع عن بني جنسها دام طويلاً سيكون الأمر جللاً؟

ما الذي يريدونه بفعلتهم هذه؟ لأن كل الذين نفوا من قبل كانوا رجالا! كيف يفعلون ذلك ؟ بل وكيف تسوّلُ لهم أنفسهم الحقيرة فعلها.

امتلأت وجوه الرجال بالحيرة، بالقلق، بعدم التصديق والدهشة أيضاً. ويحقُّ لهم ذلك كله.

ساعد الفتاة سائق القارب على النزول منه، ومن ثم أنزل لها حقيبةً كبيرة الجحم كانت برفقتها، وعاد السائق أدراجه إلى إحدى الممالك التي نفتها غير أبهٍ بتركه لفتاةٍ تصارع المئات من الرجال ونظراتهم الحقيرة لها.

اقترب الرجال منها وهم في أشد حالات تعجبهم مما يحصل،  فمنذ زمن طويل لم يأت منفي جديد للجزيرة. وعندما أتى هذه المرة كانت فتاة!

ياللغرابة ؟!

تراجعت الفتاة _بقلب ينبضُ خوفاً وقلقاً_ خطوتين للخلف و بحذر أدرات عينيها الساحرتين بلونهما الأزرق كالسماء من فوقها والبحر من تحت أقدامها، في وجوه الرجال المحدقين بها، كانت خائفة.

فكرة أنها هما مع المئات من الجال تجعل من شخصيتها القوية تندثر في الظلمات، تجعل من كل القوة التي امتلكتها ذات يوم تتلاشى كأنها لم تكن. تراجعت خطوتين أخرتين وهي تشعر بدقاتها في أذنيها وبغصة تتشكل في حلقها تنعقد منذرة ببكاءٍ كبحته لأيام.

همهماتٌ من حولها ثم صمت مطبق وإعلان من أحدهم بشكل غير مباشر أعلمها أن حاكم الجزيرة قد أتى. " الحاكم مارت أتى،  الحاكم مارت أتى." هذا ما قاله رجلٌ كان يقف في الحشود التي أمامها وتنبهت لأجله كل حواسها الخمس.

ظهر شابٌ طويل القامة، عريضُ المنكبين، بهي الطلعة، قد لوّحت الشمس وجهه الأبيض فغدا بلون البرونز اللامع. بدا جميلاً وهو يمشي بثقة وثبات للأمام متخطياً الحشود من الرجال التي تفسحُ الطريق له ليمضي للأمام بلا اعتراض.

جزيرة المنفيين.जहाँ कहानियाँ रहती हैं। अभी खोजें