chap 24 ter

6.6K 392 42
                                    


" اجتمعنا اليوم لتوديع شخصٍ سُلب منه شبابه عنوةً ، و لنترك هذا الجسد الخامل الذي كان ذات مرة يشع بالحيوية و القوة في مثواه الاخير ... " .

وقف رجل برداء طويل على المنبر العالي ، يخاطب الحاضرين بصوت حزين . امتلئت القاعة حتى آخرها بـ-أُناس عرفوا الراحل ، و كان لديهم علاقات ودية معه ، من خلال وجوههم الحزينة ، و الدموع التي تتساقط من البعض تعرف ان هذا الشخص كان محبوباً .

" لنسمع رسائلكم الاخيرة الى روبيكا فارول ، نتمنى ان تكون روحها موجودة هنا لتسمع كلماتنا الاخيرة لها ! " .

استمر الرجل بنفس النبرة ، ثم نزل من على المنبر تاركاً المجال للعديد من الاشخاص ليقولوا كلمات وداعهم . صعد رجل يرتدي بدلة الحداد بلون اسود داكن ، عيون الرجل احتقنت بالدماء ، مثل انفه تماماً .. بدى و كأنه قد بكى الليل بطوله .

" روبيكا يا صغيرتي .. لا اعلم ماذا .. افعل من دونك .. لقد فقدتُ والدتكِ في وقت مبكر .. و اليوم .. اليوم قد فقدتك ايضاً . من سيبقى معي الان ؟ من سـ-يُثير عصبيتي و حناني ؟ من .. من ... " .

انهار الرجل في النهاية و لم يستطع مواصلة حديثه . من النادر رؤية رجل يبكي بهذه الطريقة ، بدت النسوة اكثر منه صبراً ، لكن من يلومه ، إنه والد في النهاية ، و التي ماتت هي فلذة كبده . بكى الرجل بصوت عاليٍ ، كما حذت النساء حذوه .

واحداً تلو الآخر قدموا رسائلهم ، و اظهروا عواطفهم ، و بكى معظمهم و لم يستطيعوا الحديث . صعدت إمرأة ترتدي فستان اسود و قطعة من القماش الشفاف تغطي وجهها ، لكن عينيها البرتقالية ظهرت جليةً من الخلف . نظرت عيونها الى الاسفل حيث يرقد جسد روبيكا داخل التابوت ، جسد نحيل متوسط الطول ، يرتدي قطعة قماش ابيض زاهي ، شعرها الازرق الداكن بدى و كأن رماداً قد نُثر فوقه ، و بشرتها التي كانت وردية ذات مرة اصبحت بيضاء شاحبة ، حتى شفتيها الحمراء اصبحت جافة للغاية و تجعدت .

تذكرت سالينا قول مأثور قرأته ذات مرة " إن الجمالُ فانٍ ، و كذلك الجسدُ فانٍ .. " ، هذا القول ينطبق على روبيكا الجميلة التي اصبحت الان جثة هامدة لا اثر للجمال فيها . ارتخت جفون سالينا بأسى شديد قبل ان تواجه الناس و تتحدث بصوتٍ عَكْسَ مشاعرها حالياً .

" روبيكا ! . حتما لا تستحق هذا المصير ، لكن القدر له طرقه الخاصة و التي تفاجئنا دائماً ، مثلما تفاجئنا جميعنا بخبر رحيل روبيكا ! . اتمنى ان تجد روحها السلام الذي تستحقه ، و بصفتي فرد من العائلة المالكة اتعهد امام جثمانها اننا سنجد قاتلها في اقرب وقتٍ ممكن . تعازي الحارة حضرة الماركيز كيربر فارول ! " .

تجعدت حواجب سالينا و هي تلقي نظرة على الرجل المنهار من البكاء ، تذكرت والدتها عندما مات والدها .. كانت مثل الماركيز بدت عيونها غير مركزة و ضبابية مع الدموع ، بدت و كأنها غائبة عن العالم و تغوص في عالم آخر لا يراه غيرها .. علمت سالينا لاحقاً انه عالم الفقد و الحزن ، الان شعرت ان الماركيز يسبح في ذلك العالم ايضاً .

𝚄𝚗𝚍𝚎𝚛 𝚋𝚕𝚞𝚎 𝚜𝚔𝚢 // تحت سماءٍ زرقاء حيث تعيش القصص. اكتشف الآن