الَفُـصّـلَ الَثًـامًـن

69 5 0
                                    


الفصل الثـامـن بعنوان : إطلاق شرارة.

توهمنا عقولنا الصغيرة أننا إذا هربنا بعيدا سوف تختفي المشكلة.

----------------------------------

يوم الأحد من عشرين يناير: الرابعة مساءً في غرفة الجلوس المؤلفة من منضدة يعتليها تلفاز من جانب الباب المطل على البهو وأريكتان من جهة اليمين واريكة واحدة على يسارها بجانبها باب يتصل بالمطبخ ومائدة الطعام التي تقع مقابل الاريكتان.

كانت أم واثق جالسة على المقعد تخيط الثياب الممزقة من ملابس سيف وعبد الله وخلال ترقيعها الثياب أنطف أحد المصابيح الصالة نتيجة عطب حدث فيه، تأفأفت بضجر كون مستوى الاضاءة قد قلّ.

استدارت إلى حيث أبنها واثق الذي يبعد عنها عدّت امتار مستلقي على الاريكة يشاهد نشرة الأخبار على التلفاز، وهو شاب في الثالث والثلاثين من عمره يشبه أباه كثيرًا في الملامح، خفيف الدم، يحب المزاح ، طيّب المعشر مُتعلق بوالديه كثيرًا يأبى مفارقتهم، يعمل مهندسًا في دائرة الكهرباء.

ابتلعت ريقها ثم خاطبته بنبرة رقيقة :
- عزيزي لمَّ لا تصلح لنا ضوء المصباح؟

عندما سمع وثق طلبها تظاهر بوعكة صحية ثم أسترسل بحزن مصطنع :
- أماه! هل نسيتي؟ قبل يومان لويت ساقي في الخطأ لذا لا استطيع الذهاب إلى المحل وشراء مصباح جديد بسبب جميع المصابيح المخزونة قد أستُهلِكت !

تأفأفت الأم وجأرت بنزعاج :
- كفى كسلًا وأذهب وأشتري مصباح جديد ؟
لقد لويت ساقك قبل يومين ألم تشفى بعد؟

تأوه بصطّناع ثم همهم :- أماه المحل في نهاية الشارع وقدمي لم تشفَ بعد جيدًا، ولا استطيع السير عليها لمسافة طويلة .

هزت الأم رأسها بأسف على تقاعس أبنها الذي لا يطاق وفوق هذا جاء هذا السبب مما جعلهُ يتقاعس أكثر.

في هذه الاثناء قدم ثابت الأبن الأوسط للدكتور عبد المطلب الذي يصغر أخاه واثق بأربع أعوام، شاب دمث الخلق هادئ الطباع، قليل الكلام مع ذلك فهو على والده سريع الانفعال وعلى عكس أخيه مجتهد ويحب العمل، يعمل في دائرة التقاعد في الصباح وفي المساء يعمل في محل لبيع الهواتف الذكية، اسمر البشرة نحيف العود، لديه شارب سميك يزين وجه.

تهلل وجه والدته لدى رؤيتها له فنهضت لتستقبله وتحييه، استقبلها المقصود ببشاشة بعين تتوهج سعادة كأنهُ مضتْ أعوام لم يراها على الرغم أنه كان معهم قبل أقل من أسبوع .

قام بتقبيل رأسها ومن ثم إلقاء التحية على أخاه الذي استقام من تمددهِ واكتفى بالجلوس، ثم سألته عن زوجته وكيف حالها وبعدها سألت بالخصوص عن حفيداتها وعن احوال صحتهن، وكان الأخير يجيبها بأجوبة مختصرة وفي داخله شيء من التهرب.

رُبِّ ضارة نافعة || تأليف د. الاء حيث تعيش القصص. اكتشف الآن