الثَامِن وَ الثَلاثِين.

3.7K 399 238
                                    

"وتين."

جلست على المقعد المقابل لمكتب أبي، أعض على نواجزي بغيظ و يدي تُطبق على يد المقعد بعنف.

" هل لديكِ مشكلة يا وتين؟ "

سأل بجدية لأهزُ رأسي بنفي قاطع و أنا أستئذن لأنهض من موضعي، شعرت أن خطواتي تكاد تحفر في الأرض من قوتها.

لِمَ عليّ أنا أن أقوم بالعمل معه لإنشغال أبي؟! لِمَ لا يفعل وليد!

تنفست عميقًا قبل أن أطرق باب غرفة مكتبه بهدوء خادع، صوته دونًا عن إرادتي جعلني أتوتر و أنا أقوم بإدارة المقبض.

مددت رأسي ببطيء أنظر للمكتب الذي آراه لأول مرة بنظراتٍ مُتفحصة، أثاث رمادي و أسود كلاسيكي.. مكتبة، و أريكة صغيرة و مكتب يجلس خلفه هو بقميص حُلت أزراره العلوية و شُمرت أكمامه كاشفة عن ذراعيه الخاليتين من الوشوم و ..!

ماذا؟! رفعت نظراتي المدهوشة نحو وجهه الذي أطلت منه نظرات هادئة.

" تفضلي آنسة وتين، لن نعمل و أنتِ واقفة على الباب هكذا. "

ابتلعت لعابي و ومازلت الصدمة تشل عقلي عن العمل، جلست على المقعد الذي أمام مكتبه و لم أشعر أنني أغلقت الباب خلفي.

" هل أنتِ بخير؟ "

سأل بجدية وهو ينهض ليجلس مقابلًا لي، ظلتت أنظر أرضًا و أعراض الإجهاد السابق عادت مجددًا تقصف بما تبقي لي من ثبات.

" ما هذا؟ "

سألت و أنا أشير برأسي لذراعيه، حدقت به وهو يطرق بأصابعه على المكتب بجانبه دون أن يحيد ببصره عني.

" ما الذي تريدين الوصول له يا وتين؟ "

سأل بنبرة عادية.. باردة، نظرت لذراعيه ثم وجهه مرورًا بقميصه المفتوح.

" اسم مختلف، ظهور مفاجيء، أزلت الوشم، انتقلت للعيش هنا.. ما الذي يحدث أنا لا أستطيع فهمك!؟ "
" و هل فهمتيني مُسبقًا لترغبي بفهمي الآن؟ "

نهضت فاجأة أصرخ في وجهه بإنفعال لم أنجح في كبحه:

" لِمَ أنت لا تفهم! كيف ترغب مني بفهمك و الإقتراب منك و لم يكن لنا أمل سويًا، أنا أعترف لم أصل لكَ يومًا أو أحاول مجرد محاولة لفهمك ليس لأنني لا أريد؛ لأنني لم أكن لأحتمل أن أكون بجوارك ثم أتركك دون سابق إنذار لكون العلاقة بيننا مستحيلة، لِمَ أنت بتلك الأنانية؟ "

لم أشعر أن صوتي بدا عاليًا لتلك الدرجة إلا عندما شعرت به يتوقف أمامي، يمشطني بنظراتٍ صامتة تبعها قبضه على ذراعي وهو يهمس بصوت أشد و أكثر رعبًا من الصراخ:

" أناني! أنا أناني يا وتين، بعدما أردت حمايتك بحياتي و تركت كل شيء لأجلك، تركت المنزل الوحيد الذي كنت ألجأ له فقط لأن أحد مسك بكلمة تؤذيكِ، أُصبت في معدتي لأجلك بعدما أبديتِ إمتعاضًا تجاه هيئتي و شخصيتي منذ اللقاء الأول، بعد كل شيء أنا هو الأناني!؟ أنا الذي لم أستطع تجاوزكِ رغم محاولاتي التي ظننتيها نسيان لكِ، و أنا كنت أهذي باسمك وقتها ليلًا. "

عَتمتهُ.✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن