الجزء التاسع والثلاثون

9.1K 105 120
                                    

-
واقِفة أمام المرآة تدعك يدينها بالكريم الأبيض
وفِكرها ساهم وعيونها شاردة في الفراغ ، من لما وصلت العاصمة تركها غالب مُكره بسبب إتصال مهم من مديره بينما هي بقت تنتظره بشُرود مُتعِب ! الحقيقة لها معه من زواجهم الحقيقي عشرة أيام ،صحيح ما مسَها فيها ولا حتى مس جلدها بقُرب منه إلا إنها ماكانت شخص غبي لأجل ما تفهم لهفته ورغبته فيها !
ولكن اللي بينهم شُرخ عظيم ، ما بتنساه هي برغم إنه هوعلى الأغلب تناساه ! ماكان بسبب إجتماعهم الحديّث الأخير واللي ظن إنه بيلقى منها إعتراض على الحياة الصعبة الي عاشتها معه
السبب قديم ، قديم جداً لدرجة رااح عن باله بينما هي تكتوي بناره كل ليلة ! ناره اللي جرّدتها من أنوثتها بسببه!

جلست على كُرسي التسريحة الخشب وهي تميّل رأسها على ظهره تاركه لشعرها حُرية الإنسدال على أطرافه ، ومال معها قميص نومها الفيروزي حتى بانت تفاصيِلها المُهلكة ! أبتسمت بخفوت برغم شعورها اللي يمرها على حين غُرة ويتعبها
لما تذكرت كلام جدتها بوقت لقتها فيه متضايقة
" لك صوت يحيّي ميت القلب يا أهداب ، لادنى منك حزن غني ، لا سلهمت لك عين غني ، لا ضاق لك صدر غني وإشعلي الدنيا طرب وأنثري عبير صوتك على جرحك يُخلق الضماد من العدم على إثره!"

وعلى ظل هالنصيحة اللي ماتنساتها برغم مرور سنين عليها ، بدأت تِدندن بصوتها العذبّ غِنوة إختلطت كلماتها الرقيقة بنبرة صوتها المُتعبة فنسجت أحنّ الأصوات ! تهز رأسه على رتم معين
وتبتسم بيّن كل شطر وشطر في مشهد عُرض على عيُون كادت تقفز على شكل قلوب متلهفة لمنظرها ! آسِرة بشكل مُضني ، متعب لكل مقاومته الواهية وعشرة أيام كانت من الجحيم مُقتبسة من شدة ضيّمه فيها !

ما قطع عليها الغِنوة الي أرهقت سمعه طرب وأنتظر بصبر لما أنتهت فأقترب مُحدث بخطواته صُوت خافت ألتفت بسببه له وأنتفضت واقفة وهي تِلمحه يقترب منها ، رمشت بهدبّها المُهلك مرات عديدة فتوقف مكانه يستمتع بهالرِقة للحظات قبل يقترب أكثر ويوقف أمامها تماماً
على مُحياه ترتسم اللهفة ولوعة البُعد ، همس بخفوت بصوت معتذر : أنا آسف ! أعرف مالي حق بتركَك هاليوم ولكن شغل مستعجل ، وأنتي تدرين إن إجازتي ماكانت غير أسبوع ! والبركة بأخوك سلبه مني بدلة رايحة ودلة جاية !

أبتسمت إبتسامة غريّبة عجز يقرأ معانيها مع ذلك رفع كفه العريضة وهو يمررها على أثر الجُرح الممتد على عُنقها وسط رعشة جسدها بسبب هاللمسة ، تبّسم بحنان وهو يتأوه بتعب : إشتقت حتى للأثر ، هذا وأنتي قدام عيني ! أجل لامنك غبتي أي جنون بيصبرني عنَك !

إنتظر منها رد ولكِن مالقى فعذرها لخجلها
بعد صمت طويل كان فيه يُقبل أثر هالجرح برِقة قالت بصوت متهدج : غالبّ .. ليه تكرهني ؟

راقبت إنتفاضة جسده العنيفة وهو يبتعد عنها بذهول بينما نظراته جاحظة من صدمة سؤالها ! تأمل وقوفها المرتعش وهدبّها الي يحتضن الدمع ورمش بعدم فهم للحظات طويلة ، قبل يستدرك نفسه ويرفع يدينه يأشر على نفسه بدهشة وبصوت متهكم مصعوق قال : بالله عليك هذا شكل واحد يكرهك يا هدب !!

ماكان هوى ديار الليل إلا من هواك حيث تعيش القصص. اكتشف الآن