الفصل السابع وعشرون

388 55 4
                                    

"لا معني للنصر"
"27"

"لا معني للنصر أو للهزيمة، جميعها أُسس لا أؤمن بيها؛ وضعها سيد القطيع ليتبعها قطيعه، القوانين خُلقت لتُثقب، وتأتي أخري اكثر خرقًا."
________________

التشتت يدفعها للجنون دون أن تشعر، حاولت التماسك، ولكن لا يحيطها شئ سوي الظلام، أخذت نفسًا طويلًا، لتفتح عينيها بتعب، وأختلط عليها الوهم والحقيقة، استطاعت تمييز الجدران البيضاء، وذلك الثقل الجاسم علي قدمها، نظرت لذلك الثقل وكانت رأس احدهم.

ابتسمت بحنان لتحرك أناملها بصعوبة؛ بسبب الآلام كتفها اللعينة، لتداعب خصلات شعره بحنان افتقدته، ابتلعت ريقها ما أن بدأت الأحدث الأخيرة بالتدفق إلي رأسها، اغمضت عينيها تكبح رغبة مُلحة بداخلها علي البقاء صامدة؛ كي لا تثير فزع صغيرها.

وعلي ذكر الفزع، فتحت عينيها علي مصريعها ونبضات قلبها تزايدت، رؤية! طفلتها اين هي؟ ارتجف جسدها؛ ما أن فكرت أن تمر بما مرت بيه.

حتي لم تشعر بالدموع تسقط واحد تلو الأخري بضعف، تجاهد لكتم شهقاتها، ولكن ارتفعت شهقاتها للمره أولي، ارتفعت بحرية تهتز معها جدران الحجرة، وثبات نوم ذلك الغافل، تتذكر صراخات ريان، وصوت سياط اللازع، والأيادي العديدة حول جسدها، وضحكات أولئك اللعناء، وآثار اسنانهم، وإيدهم، وأنفاسهم، كلها تدفعها لخلع رداء جسدها، وحرقه!

بدأت هواجس اللعينة تتدافع بين شقوق درع قوتها الزائف، الأمر يعينها، الأمر يؤثر بيها، تلك الحادثة قتلتها، لقد أنفجر أخر وريد حي بداخل روحها لتأخذ تصريح موتها فورًا.

اغمضت عينيها، لم تشعر بشئ شعرت بتلك الأبرة تغرز تريقها؛ لتختلط عليها أمور، وتستسلم للظلام برحاب صدر.

أما عن يحيي أصابه الفزع، ولم يشعر بالدموع سوي تخترق عينيه كالسكين؛ لتنزف الدماء لا دموع، ارتجف جسده ما أن شعر بحركة يديها فوق رأسه بحنان، ظن أنه يتوهم، ولكن كان حقيقية وما أن استفاق حتي وجدها تبكي وتشهق، وتردد بكلمة واحدة "لأ" وتعود للإرتجاف، لم تكن تسمع أو تشعر بأحد، فقط تهز رأسها بعنف وتشهق، وسرعان ما تحولت الشهقات إلي صرخات تهز الجدران، ليأتي علي أثرها الأطباء، وانتهي الأمر بيد إبرة من مخدر.

لتذهب هي في ثبات عميق، علقت في ظلام، وعلقت الدموع معها علي خدها، وكأنه الشئ الوحيد الذي يُثبت أنها طلما تتنفس لن تخرج من كبد البئر مظلم؛ حتي يقتلع الظلام كبدها بالمقابل.

خرج للخارج، وهو يحمل هاتفه بأطراف مرتعشة، ووجد ذاته يهاتفها، ولكنها لم ترد؛ يبدو أنها بداخل محاضرتها الآن، ليقم بتسجيل رسالة صوتية، بينما صوته يأن من شدة الألم:

_ مكنتش بهرب منك؛ لأني معنديش مشاعر نحيتك، لأ؛ كان عندي خوف منك وعليكِ، فروقات بينا كتير والعوائق اكتر، كنت مفكر أن مفيش بينا ارض مشتركة، ولكن اكتشفت أن كل فروقات انهارت اول ما بلف وبلاقيكِ ورايا، كلامك، ضحكتك، هزارك، وجنانك..

لَسْتُنَّ بِخَطِيئَاتٌ '" أنهن المؤنسات الغاليات رفقًا بهن "'Where stories live. Discover now