"مهما حدث في المستقبل سنظل أنا وأنت معا"

116 12 16
                                    

في أحد شوارع برلين الموحشة في الجهة الشمالية حيث يعيش الفقراء وأين يتجول العاطلون عن العمل كانت هناك إمرأة شنيعة بمعنى الكلمة (لكنها ليست أفضل مني في هذا) وكانت تملك بيتا بشعا تؤجر غرفه لمن تراه بحاجة للمال لكي تجعله يدفع مبلغا رخيسا من أجل الإجار...

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.

في أحد شوارع برلين الموحشة في الجهة الشمالية حيث يعيش الفقراء وأين يتجول العاطلون عن العمل كانت هناك إمرأة شنيعة بمعنى الكلمة (لكنها ليست أفضل مني في هذا) وكانت تملك بيتا بشعا تؤجر غرفه لمن تراه بحاجة للمال لكي تجعله يدفع مبلغا رخيسا من أجل الإجار لكن شرط أن يكون خادمها الذي ينفذ أوامرها دون أي مقابل.
كانت عائلة جوليكا من بين هؤلاء النزلاء، كان والدها رجلا قويا وضخم الجثة وقد شارك في الحرب وعاد منها سالما وكان في ذاك الوقت يعمل في أحد مكاتب الطباعة أما أمها فلم تكن بالمرأة الجميلة إلا أن حنانها يجعلها مثالا رائعا للأمومة لكن المسكينة كانت تتعذب كثيرا وهي تقوم بتنظيف بيت تلك السيدة وآداء الأعمال المنزلية بدلا عنها أما عن جوليكا فسأكتفي بوصفها بالنجمة الامعة.

كانت عائلة جوليكا من بين هؤلاء النزلاء، كان والدها رجلا قويا وضخم الجثة وقد شارك في الحرب وعاد منها سالما وكان في ذاك الوقت يعمل في أحد مكاتب الطباعة أما أمها فلم تكن بالمرأة الجميلة إلا أن حنانها يجعلها مثالا رائعا للأمومة لكن المسكينة كانت تتعذب...

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.

كان لقائي الأول مع جوليكا مميزا حقا؛ صباح ذاك اليوم تشاجرت مع والدي بسبب كلبتي لولي التي أراد أبي التخلص منها، فهربت من المنزل ودخلت منطقة الفقراء أو كما كانوا يسمونها ظل بيت البؤس، كنت أمشي وحيدة وبيدي دميتي المفضلة؛ دمية أنابيل أندر وأبهض الدما في ألمانيا كلها. كان الغضب يتملكني ولكنه سرعان ماتلاشى حين رأيت فتاة ذات شعر شديد السواد ناعم وعينان زرقاوتان كانت تبدو في مثل سني وكانت هي الأخرى تحمل دمية أنابيل...

 كان الغضب يتملكني ولكنه سرعان ماتلاشى حين رأيت فتاة ذات شعر شديد السواد ناعم وعينان زرقاوتان كانت تبدو في مثل سني وكانت هي الأخرى تحمل دمية أنابيل

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.

كما لو أني أنظر في المرآة...لم أفكر لحظة أنها من الفقراء لقد كان يدل مظهرها على أنها كأي فتاة ثرية وراقية...أنا من بدأت الحديث وسألتها بكل لطف:هل يمكنك إخباري أين أنا؟!
فإبتسمت وأمسكت بيدي لتقودني إلى ذاك الحاجز الذي يفصل بين الأثرياء والفقراء وقالت لي وهي لاتزال تبتسم "تفضلي من هنا". وبعد ذلك اليوم صرنا نلتقي يوميا في ذلك المكان ولمدة سنتان كاملتان، لقد كنا نعرف بعضنا منذ كنا في الثالثة من عمرنا!
أخفيت عن عائلتي قصة صداقتي لجوليكا خوفا أن يمنعاني من رؤيتها بسبب كونها فقيرة، وبهذا كان كل شيء بخير إلا أن أصاب جوليكا مرض مفتك كان منتشرا في تلك الفترة ولا أذكر مذا كان و الأسوء من ذلك أن والديها لم يمتلكا المال الكافي لشراء الدواء لها فضاعفا عمليهما ومنعا أنفسهما من الأكل وضحيا كثيرا من أجل جمع المال الكافي وشراء الدواء وحمدا لله شفيت جوليكا الصغيرة وعادت إليها صحتها ولكن سعادتنا جميعا لم تكتمل فبعد أيام قليلة فقط وجدت جوليكا والدتها مرمية على الأرض و الدم يخرج من فمها وحين نزلت لتكلمها لم ترد عليها فعرفت أنها قد فقدت والدتها الحنون للأبد!
وقد قال لهم الطبيب أن موتها راجع لسوء التغذية فهي لن تكن تأكل مايكفيها من الأغذية الضرورية...فعلت الأم ذلك من أجل إبنتها لذلك كانت تستمر جوليكا في لوم وعقاب وتعذيب نفسها وكان منظرها مؤلما حقا وأكثر ألما إنه ورغم كل مايحدث لها كانت تبتسم في وجهي!
في ذاك الوقت كانت كل المقابر ممتلئة حينها وكانت العائلات تتقاتل من اجل إيجاد أماكن لدفن جثث موتاها ممن قتلوا في الحرب.

ولهذا السبب قام والد جوليكا بدفن زوجته في حديقة ذاك المنزل ولم يحضر جنازتها إلا ثلاث أشخاص أولهم زوجها المخلص وإبنتها الغالية وأنا

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.

ولهذا السبب قام والد جوليكا بدفن زوجته في حديقة ذاك المنزل ولم يحضر جنازتها إلا ثلاث أشخاص أولهم زوجها المخلص وإبنتها الغالية وأنا...لقد بكيت كثيرا من ذاك المنظر وكانت جوليكا من تحاول إهدائي وجعلي أكف عن النواح.
وهذا ظلت جوليكا يتيمة الأم لكن على الأقل كان بجانبها والدها الرائع لكن حدثت له قصة عجيبة و مخيفة؛ لم يعد إلى  البيت لمدة ثلاث أيام فقامت جوليكا ذات خمسة سنوات بالتبليغ عن إختفائه وبعد أسبوع تم العثور على جثة لرجل في إحدى الشوارع مشوه الوجه ومنزوع الأطراف وقد كان مكتوبا أمامه بدمائه إبنتي...شكت الشرطة في ان يكون هو، فتم إستدعاء جوليكا فلربما تتعرف عليه. وماأدراك فتاة في ذاك السن تتحمل رؤية والدها بذاك الشكل المريع.
أصبحت جوليكا يتيمة تماما وقبل أن يتم أخذها للميتم إلتقينا لتوديع بعضنا وتألمنا كثيرا حينها لدرجة أن جوليكا بكت لفراقنا أكثر مما بكته على والديها. وقد قطعنا عهدا على أنفسنا أن خيط صداقتنا لن يقطع أبدا.
كنت أنظر إليها وهي تبتعد عني وفجأة أحسست أن طاقة بيضاء إنفجرت داخلي فبدأت أصرخ منادية إياها وقلت دون وعي وبأعلى صوت:"مهما حدث في المستقبل سنظل أنا وأنت معا"

                               ♡♡♡

الصديقة الرائعة: لما اعيش؟Where stories live. Discover now