"الله.. بيبسي!"
لم أُعطِ لجملتي الفرصة أن تكتمل، أمسكت بكوبٍ زجاجي يمتلئ باللون الأسود واستنتجت بالطبع أنه مشروب غازي فأمسكته أرتشف منه بشهية وبعد أن ابتلعت منه كمية ليست بقليلة كنت قد بصقت ما تبقى منه في فمي وأنا أنظر للكوب بقرف، مذاق مُر كالقهوة..
وبالمناسبة.. القهوة هيَّ أكثر مشروب أكرهه.
وبعد أن ابتلعت أكثر من نصف الكوب كالبهيمة الّتي تأكل كل أخضر ويابس، ادركت بعدها مذاقه البشع فتركته بإشمئزاز على منضدة بالمطبخ ودلفت خارجًا أشعر بالبرودة تسري في جسدي فأحتضنتي يداي في محاولة لبث الدفئ لأوصالي ومازال المذاق المُر يحتل حاسة التذوق عندي.
حقًا! ما هذا القرف الذي شربته للتو؟
جلست على الفراش ورغم أن الصيف قد جاء محملًا بحرارةٍ تجعلني أنصهر ولكن البرودة في جسدي الآن لم تتركني وحيدة فتدثرت جيدًا في الغطاء الذي منحني بعض الحرارة البسيطة.
وفي صباح اليوم التالي استيقظت على صوت والدي الكيميائي العظيم الذي أدى بحياتي للموت مرتين وكاد أن يتسبب في مقتلي ثلاثة مرات بالإضافة إلى غسيل المعدة الذي أفعله أسبوعيًا بعد أن أبتلع بدون قصد ما يفعله من مُرَّكبات كميائية، يمكنكم الآن تسميتي بفأرٍ وسيم لتجارب والدي.
"أنتِ شربتي المُرَكب اللي كان على الرخامة إمبارح؟"
هل هذا سؤال يُسأل لشخص لم تُفتح عيناه بعد؟
نظرت له بنصفِ عين تطلب النوم، كان شعور التوهان هو ما أشعر به كلما استيقظ على صراخ والدي وعلى ذكرهِ لشيء قد شربته فتذكرت المشروب الغازي الذي كان يتواجد على منضدة المطبخ فجاوبت بصوتٍ ناعس غير واعٍ لما يحدث من حوله:-
"مُرَّكب؟! قصدك البيبسي؟ كانت مُرّة أوي بصراحة أنتم جايبينها دايت ل.."
"أنتِ يومك أسود معايا! بيبسي!" قاطع والدي حديثي بصوتٍ مرتفع غاضب أكثر مما قبله، لِمَ يصرخ عليَّ هكذا!
اغمضت عيني استقبل صراخه بصدرٍ رحب، قد تعود على ما يحدث بالفعل وقد حان الآن الموعد الأسبوعي لغسيل المعدة، قاطع أفكاري الشعور بشيء حطَّ على الفراش بجواري فأدركت أنه جلس وقد جاء وقت لسماع الكثير من جُملٍ تؤكد مدى تهوري والتسرع الذي يتملك شخصيتي..
"حاسة بإيه؟"
بجدية قالها وهو يرمقني بأعين تشتغل غضبًا وقد ارتفعت يداه يقيس حرارتي فقلت بصوتٍ مازال يتملكه أثر النوم وأنا افتح عيني مرةٌ أخرى:-
"بعيدًا عن إني عايزة أنام يعني ف أنا تقريبًا جسمي خد مناعة من المُرَّكبات الكيميائية وبقى يعتبرها كونجستال، يلا يا سيدي افرح.. هتوفر تمن غسيل المعدة الإسبوع ده."
YOU ARE READING
شخصية إيجار.
Humorمنذُ متى وقد أصبح العمل أمرًا مسليًا والطرد منه مسليًا أكثر؟ ترى لو تمنى أحدكم أن يصبح شخصًا آخر، يَحيا حياة أخرى.. من سيكون؟ عند الوصول لتلك النقطة.. لم أملك أنا رفاهية الاختيار. بدأت/ الرابع عشر من يوليو لعام ٢٠٢٣ انتهت/ السادس عشر من أغسطس لعا...
