كان يتحدث والدها بنبرة لطيفة ولكن قاطع حديثه صوت ضوضاء بالقرب منه، عقدت ريتال حاجبيها حينما أدركت ماهية هذه الضوضاء لتسأل والدها بمزيج من الفضول والإضطراب مُردفة:
"هو أيه صوت عياط البيبي اللي عندك ده يا بابا؟"
"صوت أيه؟ مفيش صوت بيبي ولا حاجة..."
"لا يا بابا أنا سمعت دلوقتي صوت عياط بيبي عندك أنا متأكدة."
كانت ريتال تتفوه بتلك الكلمات وهي تشعر بيدها ترتجف خوفًا من إجابة والدها، كانت إجابته كما توقعت وكان من المفترض أن تطمئن لحديثه لكن لسبب ما لم تقتنع بإجابته المُتوترة المضطربة والتي كانت كالآتي:
"اه... ده التلفزيون صوته كان عالي شوية معلش، المهم مش هتروحي تنامي بقى علشان عندك مدرسة الصبح؟"
"أنام أيه بابا الوقت لسه بدري... عالعموم حضرتك شكلك مشغول فأنا هقفل."
"طيب يا حبيبتي مع السلامة." أردف والدها من الجانب الآخر قبل أن يُغلق الخط سريعًا قبل أن يسمح لها بتوديعه بشكلًا لائق.
عقدت ريتال حاجبيها بعد أن أبعدت الهاتف عن أذنها، ما صوت بكاء الرضيع ذلك؟ ولم توتر والدها لهذه الدرجة حينما سألته؟ توتر للدرجة التي جعلته ينهي المكالمة سريعًا وبطريقة لا تمت بأي صلة بالنبرة الحنونة التي كان يتحدث بها طوال المكالمة...
حاولت ريتال إبعاد تلك الأفكار عن رأسها وقد قررت ألا تُخبر والدتها بما سمعته فالعلاقة بين والديها متوترة بما فيه الكفاية ولا داعي لزيادة الأمر سوءًا خاصة وأنه لا يوجد شيء مؤكد يجعلها تثير القلق والشك في نفس والدتها، تركت ريتال الهاتف وقامت بإحضار الدفاتر خاصتها كي تقوم بحل الواجبات المدرسية خاصتها.
"ريتال خلصتِ مذاكرة؟"
"اه يا ماما... يعني فاضلي حاجة بسيطة أوي في واجب الإنجلش وهبقى خلصت."
"طب كمليه لما نطلع من تحت، قومي أغسلي إيديك وألبسي الإسدال علشان ننزل نتعشى."
"حاضر... هو صالح نازل يتعشى معانا أصلًا؟"
"المفروض اه."
"هو خلاص يعني صالح عمو وهيرجع البيت؟"
"صالح مسابش البيت أصلًا علشان يرجعله هو كان متضايق وراح يبات عند صاحبه يوم، وبعدين أحنا مالنا يا ريتال؟ هو مش أحنا اتفقنا ولا أيه؟"
"اتفقنا اه..." همست ريتال ساخرة وهي تستقيم من مقعدها وتتجه نحو دورة المياه لكي تنفذ ما طلبته منها والدتها.
مر اليوم بهدوء والذي يليه كذلك، لا جديد في حياة ريتال ذهبت للمدرسة كما تفعل كل يوم وكانت تحاول تجنب تليد كما أعتادت أن تفعل في الأيام القليلة السابقة منذ أن بدأت العام الدراسي، لم تتحدث إلى صالح سوى ببعض الجمل المختصرة أثناء تلاقيهم على طاولة الطعام، وكما قررت ريتال لم تُخبر والدتها بأمر الرضيع الباكي.
أنت تقرأ
وصال مقطوع
Romanceترى هل أنتَ من الذهب الخالص وأصلك ثمين أم مُجرد نحاس مطلي بطبقة صفراء لامعة؟ هل هناك فارق كبير؟ أعتقد لا... فكلاهما يبدو ذهبي اللون، لن يستطع أن يميز ذلك سوى شخصًا لا يهتم بالمظهر بل بالجوهر الداخلي... تُرى كم عدد المهتمين بالجوهر الداخلي؟ واحد...