الفصل التاسِع والثلاثون.

858 105 73
                                    

| فُرصَة سانِحَة |
.
.
.

صرخَ لُوسيوس بِذَلك بِهَلع، بعد أن أدركَ أن ذاكَ الدُخان الكثيف المِتصاعِد ينبعثُ من حدودِ النُبلاء الشَماليّة، فَحاولَ أنتولِي تخفيفَ قلقه بسرعة

-" لُوس، لا تُضخّم الأمر، قَد تكونُ مُجرد حادِثَة لا أكثر "-
-" أوافقهُ الرأي، أنتَ تُبالِغ فِي ردّة فِعلكَ "-
-" لِنأمل فَقط ألا يُصاب أحدٌ مِنهم بمكروه، بِلا شكّ النُخبَة قد تدخّلوا بالفعل بحلولِ الآن و سَينتهي الأمر بِسَلام "-

ذَلِك ما علّق به دِيميتري و هو يقطبُ حاجبيهِ، داريُوس تقدّم ناحيةَ لُوسيوس و أمسكَ بكتفهِ من الخَلف و هُو يُخاطبه

-" لِمَا لا تَقومونَ بِتأجـ.. "-

و فِي لَحظة واحِدة، صُعِقَ الجميع بالاثنينِ يختفيان في وَمضةِ عَينِ، فأدركوا ساعَتها أنّ لُوسيوس انتقلَ آنياً و سحبَ معه داريُوس دونَ شعور ولا قصدٍ منه بحكم كونِ ذَلِك الأخير كان يلمسُ كتفه ساعَتها مُصادفةَ.
و يالهَا من صُدفَة فَظيعة

أنتولِي صَرخ من فورهِ

-" ذَلِكَ المتمرّد ! ولكِن هَل هوَ بكامِلِ قواه العَقليّة ؟؟! "-
-" لا تُخبرنِي أنه غادرَ حدود أديلمَار بالفِعل، هَذا ليسَ جيداً على الإطلاق .. "-

علّقتْ بِياتريس مع نبرة يشوبها القَلِق و الصَدمة، ثمّ تمتمتْ تريسي بصوتٍ مهتزّ تُوشِك على البُكَاء

-" لَـ.. ـقد أخذَ أخي أيضَاً "-
-" لِنُخفي الأمر عنِ الكِبار لِلوقتِ الراهن، و لا تَجعلوا روسلان يكتشفُ الأمر لِحين عودةِ لُوسيوس .. لِنأمُل فَقط أن يضعَ عقله في مكانهِ الصَحيح و يعود بسرعة أو أن يتمّ طردهُ من قِبل النُبلاء "-

ذَلِكَ ما صرّخ به فِيليب بنبرة شديدة الاِنزعاج لم تُخفِ توتره و قَلقه و هوَ يُسند جبينهُ لأنامِله ليرفعَ شعره اللّذي حملَ لوناً داكِناً مُقارباً للونِ الخشبِ المُحترق مع خصلات سُفليّة فاتحة، آمِلاً ألا يُقدم قَريبهُم ذاك على أية خطوة متهوّرة كعادتهِ، لأن هذهِ المرة سيكونُ من الصَعبِ جِداً تفادي عقوبَة المَلِك جزاء تمرّده الدائِم، بل و إخلاصه الشَديد للنُبلاء كَما لو كان فرداً منهم
بالطبع، ليسَ و كأنّ هُناكَ عداوة بينَ السُلالتينِ، لكن كأمير مِنَ سُلالة أديلمَار و حامِل للدم المَلكيّ يُفترض به التصرف بطريقة مُختلفة و ليُظهرَ انتماءهُ لِسلالته في المَقامِ الأول، ذَلِك عِوضاً عن تدخّله في شؤونِ النُبلاء دونَ تصريح مُباشر من المَلِك

في الجانِبِ الآخر، و تحديداً خلفَ حدودِ أديلمَار بمسافة قَصِيرة تمكّنَ لُوسيوس بالكادِ من تَجاوزِ بواباتِ القصورِ و السورِ المُحيط بهم بعدَ أن قفزَ قفزةً مسافيّة طويلة نِسبياً أرهقتهُ خصوصاً مع وجودِ داريُوس مَعه
فجثى على ركبتيهِ مع نوبة سُعال و ارتعاشٍ طَفيف سرى في جَسدهِ دفعَ بُندقيّ الشعر للدنو إلى مستواه مُباشرةً مع ملامِحَ شديدة القَلِق و هوَ يهتف

دِماءٌ مُتجمّدة. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن