الفصل الخامس والخمسون.

859 99 175
                                    

| الهَدفُ الخَطَأ |
.
.
.

الثُلوجُ الناعِمَة ذات البَياضِ الناصِع لم تَكفّ عنِ التساقطِ بسلاسة و رِقّة تماماً عَلى عكسِ خشونةِ المعركة فوقَ الأرضِ اللّتي تحطّ عَليها

فلادمِير تقدّم ببُطء و هوَ يُصفّق بيديهِ مُستخفاً بالفَتى أمامه عِندما رفعَ حاجِباً و هو يُعلّق بسخرِيَة

-" لَقد ظننتُ أنّكَ قررّتَ الاِختباء كقطٍّ متشرّد لِحين فناءِ سُلالتكَ العَفِنة هذه "-

ثمّ توقّفَ و صنعَ ملامِحَ أكثرَ خُبثاً و هو يُكمِل

-" لكنّكَ ظَهرت. "-

داريُوس بدورهِ لَم يُعلّق، كانَ هادِئاً جِداً رغمَ أن فلادمِير تمكّنَ بسهولة من الشعورِ بِهالتهِ المُختلفة، عَلى الأقل هوَ لا يُشبه الصبيّ اللّذي قاتَله سابِقاً في المَدينة فِي تلك اللّيلة .. لكن لأيّ مَدى قَد تغيّير؟
ليسَ لِلحد اللّذي يجعله نِداً له.

و قَبل أن يستمتع بقولِ المَزِيد من خِطاباتهِ المَليئة بالغرورِ و الثِقَة الزائِدة، تذكّرَ أمراً جعلَ ملامِحَ وجهه تنقبضُ و تتغييّر من فورِها لأخرى مَصدومة و هوَ يَعقد حاجباهُ باِستياء واضِح
لَقد لَمِس ذلك الفَتى وجهه قَبلَ لَحظات ..

التفتَ سريعاً لِحيثُ كانَتْ تِلكَ القُبْة المُشتعلة و وجدَ أنّ حَالها لم يتغيّر مُنذ أن أنهى قِتاله مَع إيلْيوت .. وَ لم يشعر بنفسهِ عِندما زفرَ بِراحة واضِعاً أناملهُ عَلى عُنقه النازِف

-" تُرى .. أيّ قُدرَة قُمتَ بمحوِها الآن أيّها الوَغد؟ "-

تمتمَ باِنزعاج شَديد و هو يُحملق بداريُوس مَع عيونٍ مُظلِمَة
كانَ يجدر بِه تفادِي ذلك الهجوم بأكملهِ في المقامِ الأول .. فَلمسةُ واحِدة من بُندقيّ الشعر هَذا كفيلةٌ بهدمِ خطّته من ألفِها إلى يائِها إن حدثَ و قامَ بمحوِ مِيزته في بثقِ تِلكَ الأعمدة .. و ذلك من سوءِ حظّه بالطبع
لَقد أضافَ شخصاً آخر لا يُريد الاقتراب منه و لمسهُ مَع نِيكولاي

داريُوس شدّ في إمساكِ قَبضةِ سيفهِ بإحكام و هوَ يركضُ بسرعة قِياسيّة اِتجاه فلادمِير، إن لَم يُصبه، فهوَ سيحاول فَقط لَمسهُ !

-" الكَثيرُ مِن الاِنتحاريّين .. "-

تَساءلَ فِي قرارة نفسهِ عن سببِ إصرارهم المُثير لِلشكّ هَذا، هوَ هُنا يقفُ أمامهم بشموخ دونَ اِختلالٍ واحد في توازنهِ حتّى، رغمَ إصابتهِ بالختم و بحروقٍ مُتوزعة حولَ جسدهِ و رغمَ شقّ طرفِ عنقهِ لِلتو و إصابة جُودِيث الأولَى
و مع كلّ ذلك هوَ من كانَ يُطيح بهم فَرداً تِلو الآخر !

دِماءٌ مُتجمّدة. Where stories live. Discover now