الرجل الغريب

47 6 8
                                    

"تائه جدا كشعب ضال ينتظر نبيا"

رفعت رأسي و الدموع تملئ وجهي فوجدت الرجل ذاته الذي خرج من البيت المجاور سابقًا.

كانت ملامحه هادئة.. انتبهت الى عيناه، كانت خالية من الحياة و لا تنظر الى خاصتي فأدركت انه اعمى.

-و من انت؟
قلت امسح انفي بكمي.
(الرجل الغريب) مُبتسمًا: من يسأل؟
-ما شأنك؟
فظظت عليه من دون وجه حق، فقط لأني لا اثق بالغرباء.

(الرجل الغريب): جافي الخُلق يجلس جنب داري و لا يجيب سؤالي؟
-أ يُحرم الجلوس جنب دارك يا هذا؟
قلت رافعا احد حاجبي.

(الرجل الغريب): و خشن الطبع ايضا!
-ستندهش بالطّباع التي املك.

(الرجل الغريب):ما الذي يفعله طفل صغير في هذا المكان و في وقت كهذا؟ أمشرد انت؟

-مشرد؟ الا ترى ما ارتدي؟
(الرجل الغريب): كلا لا ارى فأنا ضرير.
-اشك في كونك اعمى.
(الرجل الغريب): عليك ان تشك، لأني لست اعمى، انا ضرير.
-و ما الفرق؟
(الرجل الغريب): الاعمى اعمى البصر و البصيرة.. و انا املك بصيرة اما الضرير فهو من فقد بصره بعد الرؤية.

-ما البصيرة؟
(الرجل الغريب): سأخبرك لاحقا، على ايّ حال بما انك لست مشرد اين امك؟
-تحت تراب مقبرة الوادي.

صمت (الرجل الغريب) قليلا ثم اردف قائلا: ماذا عن ابيك؟ او ما مرادك من الجلوس هنا؟
-انا تائه.. منذ عصر البارحة تهت عن ابي و عمي فقط لأني اطعمت قطة.

(الرجل الغريب) وهو ينزل عصاه ارضا: اذن انت لست من المدينة.. ما رأيك ان تستريح في منزلي و تبحث عن والدك بعد شروق الشمس؟
-كلا اشكرك، ابي حذرني بقوة من الاستجابة للغرباء.

ضحك (الرجل الغريب) ثم قال: لا أُلزم عليك شيئا لكن الجو بارد هنا و الذئب اذا رآى حجمك لن يرحم  حالك.
-يرى حجمي؟ الست "ضريرًا" يا شيخ؟ ما ادراك بحجمي؟

(الرجل الغريب) بينما يبتسم: لدي قوة حدس..
-قوة حدس ها؟
(الرجل الغريب) مقاطعا: بالمناسبة كم تبلغ؟
-سبعة اعوام.

(الرجل الغريب): عجيب!
-ما هو العجيب؟

و قبل ان يجيبني الرجل الغريب سمعت صوت امرأة يصدر من داره و يقول: (رفيق) ما الذي تفعله؟ الن تدخل؟ الجو بارد هنا اريد اغلاق الباب.

(الرجل الغريب) و هو يغادر: لاشيء، سأترك الباب مفتوحا لك في حال قررت تغيير رأيك.
-اغلقه، اغلقه اخشى عليك من الذئب لربما يدخل دارك.

غادر الرجل و بقيت جالسا مكاني بينما معدتي تصدر اصواتا و تقاطع افكاري مرات عدة..
بعدها اطلت امرأة برأسها من بيت الرجل ذاته تضع خمارًا ابيضًا على رأسها ثم خرجت و تقدمت وجلست القرفصاء امامي و ابتسامة تعلو محياها : ما اسمك يا صغيري؟

رَفيقWaar verhalen tot leven komen. Ontdek het nu