ماذا بِنفسي فعلتُ

37 4 11
                                    


مشيتَ بي..
ومشيتَ.. ثمّ تركتَني
كالطفل يبكي في الزِّحامْ
إن كنتَ - يا مِلحَ المدامعِ - بِعتَني
فأقلّ ما يَرِثُ السكوتُ مِنَ الكلامْ
هُوَ أن تؤشّرَ مِن بعيدٍ بالسلامْ
أن تُغلقَ الأبوابَ إنْ
قررتَ ترحل في الظلامْ
ما ضرَّ لو ودَّعتَنِي؟
ومنحتَني فصلَ الخِتامْ؟
حتى أريحَ يديَّ من
تقليبِ آخر صفحةٍ
من قصّتي..
تلك التي
يشتدُّ أبْيَضُها فيُعميني
إذا اشتدَّ الظلامْ
حتى أنامْ
حتى أنامْ

-لأي مكان نحن ماضييَن؟
سألتُ العمة عندما خرجنا من الدار فجاوبتني: اخبرتني ان المكان مكتض بالاوادم و يبعد عن مقبرة الوادي نصف ساعة مشيا لذا اعرف اين هذا المكان.. لكن ما يثير دهشتي هو انك بلغت داري رغم ان مكانه يبعد تقريبًا عمّا وصفت ب٣٥ دقيقة.. هل إجتزتَ كل هذا مشيًا؟

- اجل، خُيِلَ لي بأني رأيت ابي فرِحتُ راكضًا خلفه لكن لم اجده.. ثم لاحقني كلب و اوصلني الى مقامكم.

شدتْ على يدي و قالت: لا بأس يا بني.. سنجد والدك.
-آمل ذلك.

بعد دقائق اسعفتني ذاكرتي الضئيلة و تذكرت صوت سماعات المسجد فقلت لها : يا عمة ربما اعرف المكان بالتحديد.
(العمة): حقاً؟ اخبرني اذن.
-التقيت بضابط و اعلن بواسطة المكبرات الصوتية للمسجد الكبير عني، و قال بعض كلمات اذكر منها (مقابل السوق الكبير من الشرق، البوابة الرئيسية..)

(العمة): أجل اعرف هذا الحيز.. أضللتَ طريقك هناك؟
-اجل.

اوقفت العمة سيارة اجرة و ركبنا فيها و اعطته
العنوان نفسه الذي وصفته لها و بعدما يقارب الـ١٥ دقيقة وصلنا الى المكان نفسه الذي تهت فيه عن ابي.

اخذت العمة بيدي و نزلنا من السيارة. كانت تمشي امامي بتيّقن، تعرف اين تذهب
بعد مشي لم يستمر طويلًا وصلنا الى الموقع نفسه.. الازدحام ذاته..المطعم.. الازقة.. المرأة المتسولة مع رضيعتها.. كل شيء موجود على حاله الا وجود ابي.

التفتت (العمة) نحوي: المكان مزدحم جدا.. ما رأيك ان احملك؟
-حسنًا.
قلت فرفعتني عن الارض و مشت بي بين زحمة الناس حتى دخلت الى مكانةٍ قد دخلناها انا و ابي سابقًا. قريب المقابر، قبر الشخص الذي وافيناه قبل امي.

- يا عمة هذا قبر شخص لأبي قرابة به، لا اعلم لربما معلمه او صديقه الراحل.
فضحكت (العمة) قائلة: أحقًا؟ هو من اخبرك بذلك؟
- اجل، لماذا؟ لمَ لا ننتظر هنا لعله يعود و يزوره مرة اخرى.

(العمة): ألا ترى إزدحام الناس في هذا المكان؟
-بلى و اتسائل لماذا؟
(العمة): دعك من 'لماذا' ما لا تعرفه يا ولدي ان هذا الشخص ليس صديق اباك فحسب.. نحن نعيش هنا لذا نعرفه ايضا.

ابتهجت و قلت: حقًا! اذن انتِ تعرفين ابي؟
(العمة) تنظر لي برأفة: كلا.
- اليس من المُحتّم انكِ تعرفينه بما انكما على قرابة بالشخص ذاته؟
سكتتْ و تجاهلتْ ما قلت.

رَفيقWhere stories live. Discover now