٢- انْقَلَبَتْ رَأْسًا عَلَى عَقِبٍ..

70 12 0
                                    

- و ها قد قولنا سابقًا أن في هذه الحياة من الصعب أن يظل شئ على حاله، و لكن إلى أي مدى يمكن أن تغير الحياة بالإنسان؟!
نعم عزيزي هي يمكن أن تحولك من شخص سعيد، إلى شخص يتآكل من الداخل بسبب الحزن.
شخص لا يعرف ماذا يفعل في حياته و لكنه مستمر، الحياة قاسية و لكن الفائز هو من يستطيع التعايش و الرضا عن ما يحدث حوله.
_____________________

في إحدى المقاهي الراقية على ضفاف النيل و ذات الطابع الكلاسيكي الجميل، كان مازال الوقت باكرًا و لكنها كانت تقف بهمة و نشاط ترتب كل شئ حتى يحين موعد فتح المقهى، فتاة ذات قامة متوسطة و خصلات شعر طويلة وضعتها هي في جديلة بسيطة، و هناك بعض الخصلات الأخرى متناثرة على وجهها بينما ترتدي الزي الرسمي الخاص بالعمال في هذا المكان..
كانت تمسك في يدها قماشة صغيرة تمسح بها إحدى الطاولات من الأتربة، توقفت فجأة و هي تجلس على المقعد تتأوه من الألم الذي حل على ظهرها فجأة من تعب العمل لتقول لذاتها بنبرة مشجعة:
- إجمدي إحنا لسه في أول اليوم.

ظلت هكذا عدة ثوانٍ، حتى فتح باب المقهى و دلف منه آخر شخص كانت تتوقع أن تراه، نعم هي تعمل في هذا المكان رغم كرهها الشديد له لأجله، و لكنها تناست بسبب الضغط الذي كان بها...
نظر نحوها لثوانٍ ثم زفر بحنق و هو يتجه نحو مكتبه و لكنها لن تترك له الفرصة للهروب، أستقامت و ذهبت إليه سريعًا لتقف أمامه قائلة:
- أخيرًا ظهرت.

نظر إليها و هو يزفر بضيق، ثم قال بعدم تصديق:
- أنتِ بجد لسه مصممة تكملي شغل هنا!

فأومأت إليه قائلة بإصرار:
- أيوه، و هفضل قاعدة هنا لحد ما تعملي إللي أنا عيزاه.

ليجيبها قائلاً:
- و أنا سبق و قولتلك قبل كده، إللي أنتِ عيزاه مش بأيدي.

احتدت عينيها بغضبٍ و ألم من عناده في هذا الأمر المصيري بالنسبة إليها:
- لا في إيدك، و مش في أيد حد غيرك يا إياد.

تركها و ذهب قائلاً بتأفف:
- يبقى خليكِ عايشة في وهمك بقا.

ذهبت من أمامها تمامًا و رحل صوب مكتبه، نعم.. فهو مدير ذلك المكان.
زفرت بضيق و هي تجلس على المقعد مجددًا تحاول التحكم في ذاتها حتى لا تبكي و لكن ما باليد حيلة، و رغمًا عنها بدأت دموعها بالهبوط على وجهها، رفعت رأسها إلى الأعلى و تنهدت تنهيدة مثقلة بما يعتري قلبها بينما تقول:
- يارب.
____________________

انتهى من أخذ النفس الأخير من سيجارته ليخرجها من فمه، تلاها خروج الكثير من الدخان من فمه و الذي كان قد ملأ صدره، و لكنه لا يهتم بذلك، فقط يريد إخراج الضيق الذي بداخله، و الذي يسيطر عليه بقوة عندما يكون في هذا المنزل، و الذي من المفترض أنه منزل عائلته!، و لكنهم للأسف لم يكونوا عائلة له أبدًا.

حكاية أطفال الميتمWhere stories live. Discover now