الأول: فجرًا.

61 5 11
                                    

بسم الله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
وأما بعد: هذه القصة مرت بتطورات عديدة، وكذلك فعلت أنا. لم تكتمل بعد في المسودات، أعتقد أن الحماسة أخذتني للبدء بنشرها فورًا ككل مرة 🤳، لأنني أبتغي أن أنشرها (هي بالذات) في موقع سوردا الذي سيفتح قريبًا، بدلًا من اختيار قصص مكتملة بالفعل اخترت ما لم أبدأ به بعد.

من الممتع حقًّا كيف لرأسي أن ينقلني إلى أراضٍ بعيدة، وزمن مختلف، لاختلاق قصص أعدها جميلة (وإن كان البعض لا يتفق) أدعو الله أن يوفقني في كتابتها بما يرضاه ولما يرضاه.

لن أطيل الحديث أكثر، استمتعوا بقراءتها ✨

_________________________

تلك الأيام التي لا تخالطها البرودة الشديدة تبدو أنها تتطاول مبتعدة عنها، وتمتد لتبني جدارًا شاهقًا يخفي النثرات القليلة التي كانت تُرى من المستقبل. مع كون صباحاتها لا تُنسى إلَّا أنها ترجو لو تُمحى تمامًا من سجل حياتها، عساها أن تقفز إلى أيامٍ جميلة كانت تحلم بها قبل الثانية عشر من عمرها دون المرور بتلك المرحلة المظلمة.

بدأت توقظها أيدي ترتجف وتنشر القشعريرة في أنحاء جسدها؛ فتشهق مع انتفاضة قوية، يتدلى فيها جذعها إلى الأمام بحدَّة، ويقطر العرق الكثيف من ناصيتها بالرغم من أن أجواءَ 'مِجَنَ' ليست بتلك الحرارة طوال العام، وغرفتها ذات السقف البعيد الكُروي لا تسمح بأي طقس حارٍّ بالبقاء.

'شَدْوَة' ابنة الوالي البِكْر، لم تبلغ بعد، مع ذلك يتوافد التجار وَوُلاة المُدن القريبة على والدها بالقرابين ليختار منَ أبناءهم زوجًا لها. وأيٌّ منهم لم ينجح في استرضاءه، فابنته أغلى ما يملك، لكن أمرًا كان يحاكُ من خلفه...

تتذكر في هذه اللحظة التي ترتجف فيها إِثْرَ الكابوس الذي كانت ملامحه ضبابية أن كل هذه الدمى غريبة المظهر التي تحيط بسريرها وبها هي من مَحبوبها؛ تمسح بكفها عينيها في ضعفٍ حتى تتوقف تعتصر ابتسامة من شفتيها فإهلاسًا. مِن السهل على السعادة أن تغزوها في دُجى عينيها إذ ترسم معالم ابتسامته الرقيقة، وظلالَ وجهه حين يُطأطئ ليقابلها في السَّرادق حيث تقطع الطريق عليه.

غرفتها في قبة البرج على شكل نصف دائرة. اختارتها حيث تشرق الشمس وتغرب عن خلفها وعن أمامِها إذا تركت الباب مفتوحًا على جدار الردهة المقاصد. فمنها تستطيع رؤية أنحاء 'مِجَنٍ' المورقة. وذلك يُحتسب نقطة إضافية أقنعت بها والدها بعد أسابيع من المحاولة، لأنها تقدس اللحظات البديعة ولن تفوت عليها تأمل أي جزء جميل من الحياة.

وبالرغم من حبها لمظهر السماء الهادئ لم تشعر بالقوة الكافية التي تساعدها على الوقوف ومدِّ عنقها من النافذة التي تعتقد بأن الجارية أغلقتها حين نامت بعد إذ أرهقت من عد أبراج السماء. ما زالت تحس بالأيدي الغريبة تعبث بنفسها وجسدها وتجرها إلى قاعٍ مخيف، وذِكرُ غُرَّةِ محبوبها وكيفية ضحكه لم تستطع جرها بعيدًا وإنقاذها.

السقوط من الأرضحيث تعيش القصص. اكتشف الآن