الفصل التاسع والعشرون

8.9K 411 36
                                    

الفصل التاسع والعشرون

خدناها بالسيف الماضى وأبوها ماكنش راضى وعشانها بيعنا الأراضى الحلوة اللى كسبناها، خدناها خدناها.. خدناها بالملايين وهما ماكنوش راضيين، عشانها بيعنا الفدادين.. الحلوة اللى كسبناها.

تلك الأغاني التي كانت تصدح بها الفتيات من أبناء شقيقاته والاقارب والأحباب، في استقبال صاخب يعبر عن فرحهم بعد عودته من منزل عروسه وعقد قرانه عليها؛ والذي تم منذ قليل، ليأخذ نصيبه الاًن من المباركات والتهنئة، قبل انخراطه في ليلة الحناء،  وما تتضمنه من مظاهر اعدها وصرف عليها الاَلاف من الجنيهات، بغرض داخله لينتقل صداها على جميع البلدة.
يرسم ابتسامة بعرض وجهه، في تقبل تهنئة هذه، وقبلات الأخرى على وجنته، يمازح ويضحك في رودوده، عريس يغمره الفرح بحق

- مبروك يا خال، ربنا يتمملك بخيرر،  الف مبروك يا ولدي العروسة حلوة وزي العسل، جوزاة العمر ان شاء الله، تخلف منها دستة مش عيل واحد.

- شالله يسمع منكم ربنا يارب، طب اسيبكم بجى ، عشان اللحج اغير جلببتي، واللبس اللي هحضر بيها عشا الرجالة، جبل فرقة الحنا ما تاجي كمان.

استأذن وذهب مغادرًا من أمامهم، وسط الصخب والزغاريط التي كانت تطلق لتملأ المكان ابتهاجًا وفرحًا به،
حتى اذا وصل إلى داخل غرفته، خلع هذا القناع متخليًا عن ابتسامته، ليزفر انفاس متقطعة قانطة خشنة، ليستند بكفيه على الطاولة المستديرة بوسط الصالة بوجوم صامت، ادخل قلقًا في قلب شقيقته التي دلفت من خلفه،  حاملة الجلباب الأبيض المنشي

- عمر هو انت تعبان؟
سمع منها وارتفعت رأسه على الفور نحوها ، وكأنه استفاق من غفوته ليرسم ابتسامة مصطنعة في رده عليها:.

- اتعب النهاردة يوم فرحي، دا حتى يبجى فال عفش، هاتي الجلبية يا خيتي هاتي.
خطت اليه لتعطيه مطلبه،  بأعين متفحصة له جيدًا، حتى وهو يتصنع الفرح امامها، بكذب مكشوف، لم تبتلعه، او تقوى على كبت ما يدور بداخلها، حتى خرج صوتها بتردد:

- مكنش ليه لزوم الاستعجال؟ انا من رأيي كنا صبرنا شوية على ما تاخد ع البت وتاخد هي عليك .

رمقها بابتسامة ساخرة يعقب ردًا لها:
- انتي جاية النهاردة الحنة وبعد ما عجدت ع البت ، تجولي كدة يا جميلة؟ دا بدل ما تسمعيني زغروطة زينة.

- اسمعك يا واد ابوي واسمعك احلى مبروك كمان، بس لما احس الفرحة طالعة من جلبك، مش تمثيل، انا مش عارفة بس ليه العند؟

قالتها لتفاجأ بتحوله، وقد اشتدت الملامح السمحة لأخرى بدأت تعتاد عليها من عودته، غضب يستبد به على أقل الأسباب:

- مش عند يا جميلة، كد ما هو  استرداد للكرامة، انا مش هين عشان اعيش على ذكريات  واحدة خاينة باعتني على اخر الطريج، بعد ما كنا خلاص وصلنا، وراحت غيرت وسبتني اتفلج لوحدي، مش هجعد انا للفكر والنار اللي بتاكلني كل دجيجة ومخي بيروح عندها.......

ميراث الندم   الجزء الاول والجزء التاني نسائم الروحWhere stories live. Discover now