رمَــادِي 30

9K 635 1.1K
                                    

أستغفرُ اللّـه العظِيــم وأتُـوب إلَيــه

🥀

بعـد مُرور أربعِ سنـوات..

قد مرّت عليه أحداهنّ اليومَ وهيَ تضعُ نفس عِطرِها،
فعادَ به شريطُ الذّكرياتِ إلى الوَراء.

عادَ به إلى اليَوم الذِي تشارك به المَشروعَ وإيّاها. عادَ به
إلى تلك الأروِقة التِي كانا يركُضان بها وهُما ينتفانِ شعرَ
بعضِهما البعض. عـادَ به إلى اليـومِ الذي حضنـتهُ فـيه
بشـدّة في غُرفـة التّبرِيد حين أعـطَاها قمِيصه.

إلى اليـومِ الذي بكت فيـه على صدرِه. إلى نِقاشاتِهما
المُنفعلة التِي دائمًا ما تنتهِي بلكمِها له واستِمراره
الدّائم باللّحاقِ بها، مُضحك صحيح؟

«عجيبٌ كيف أنّ عطركِ لايزالُ عالِقًا في ثيابي،
قلبِي وذكرياتِي..هل عليّ أن أكرهكِ وأصوّركِ بعقلِي
كشخصٍ سيّئ؟ ربّما تلك الطّريقة الوحيدة
التِي لن تُؤلِمني..»

مُستلقٍ على الأريكة الخاصّة بمكتبِه، تحدّث الغُرابِيّ
مُحاكيًا تلك الصّورة التي بيدِه كونها آخر
ذكرَى مُتبقيّة لهُ مِنها.

عسليّة العينين لم تُغادر عقله طوالَ هذه السّنين الفائتة،
هو لا يزالُ يُمسك بصندوق رَسائلها القديمة يعيد قراءَتها
مرارًا وتكرارًا لدرجة أنه قد حفِظها عن ظهر قلب!

أغمض عينيه بوَهنٍ، لَم يتوقّع يومًا أنّه سيقعُ لها!
لم يتوقّع أنّه سيقعُ لفتاةٍ جمعت بينهُما العداوَة وَشرارة
الإنتقام، ليَجد نفسه فاللّحظة الموَالية هائِمًا
بها وبكلّ شيء يخصّها.

ظنّ أنّه وَبعد أن ينال غُفرانها سيهنأ قلبُه وَسيذهب
في حالِ سبيلِه، لكنّه وجدَ نفسه يُحدّق بصورِ التّخرّج
خاصّتها التي إلتقطها في ذلِك اليوم المميّز كلّ ليلة
بعُيونٍ لامعة ترتجِفُ في كل وقتٍ وحين!

هوَ يشتاقُها بشدّة! الطّريقة التِي تضحكُ بها، الطّريقة
التي تمشِي بها، والطّريقة التِي تبتسمُ بها. حتّى
شجاراتهُما وكيف تغضبُ وَتضرِبه دون خوف في
كلّ مرّة أثار بهَا حنقهَا، هو يشتاق لها!

تلك الرّسائل كانت الشّيء الوحيد الذي ساعدهُ
على المضيّ قدُمًا. لكنّه وفي كلّ مرّة يقرؤُها يتذكّر
كيف غادرتهُ ذاك اليوم، لقد حاولَ مرارًا
الإعتراف لها بمشاعرهِ اِتّجاهها.

لكنّها أدارَت ظهرَها له وَذهبت بدُون أن تتفوّه بكلِمة.
هي سَامحتهُ وغفرَت لهُ كلّ أفعالِه، ثمّ ذهبت فِي حال
سبيلها هيَ الأخرَى. وَمع أنّه حاول البحث عنها، إلاّ
أنّ الأمر كان كمَا لو أنّها اختفت مع الهوَاء.

 رمَـادي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن