22

1.7K 144 8
                                    

نبض قلبي لقوله و نسيتُ حكمه بالفراقِ فُرادى،  لوهلة تناسيت العالم، شعرتُ بالغبطة و الاستمتاع برؤية حب حياتي يشعر بالغيرة،  لكن الليْن داخلي تحجّر، و جدار الثقَة تصدّع

ضحكت باستنكار و نثرت سمومي ببرود صاقع:
"لا تتجاوز حدودك سيّد جِيون، أنت بشرِكتي الآن و لن أتردد باستدعاء رجال الأمن لجرّك خارجًا"

تحدثتُ بجفاءٍ لاذع و طغى قناعَ البرود محيَّاي، تجاهلت النظر لوجهه و  حدّقت بكأس النبيذ بيدي كأن حياتي تعتمد على ذلك، رغم نضج ملامحه و جسده لا يزال بنظري ذاته جونغكوك ذو وجه الأرنب اللطيف الذي أذوب بضحكة منه شفاهه

"سيد جيون؟ هل غدوتُ غريبًا عنك بعد سنتين فحسب؟!" 
تحدثَ يخترقني بعيناه التي باتت أكثر حدة من نصل الحرب

"أفعالكَ كشفت لي حقيقة من ظننته خليلاً، و ليس من طبيعتي البكاء على من قرر التخلي عنّي... سيد جِيون"
كذبت و ما كان خافقي براضٍ عني،  أنظر داخل بركانيّتيْه لا شك و أنه صدّق لا مبالاتي بما مضى بيننا، و لا حقّ له بمحاسبتي بالنهاية هو من دفَن قصتنا تحتَ أنقاض التضحية،  تضحية ما كالَت لي سوى خرابَ الروح فدفعت ضريبة الألم وحيدةً

"أمتلك أسبابًا...احترقَت روحي بجحيم فُراقك تعلمينَ أني وهبتُك قلبي و روحي "
أردف بصوت أجشّ،  زلزل كياني و ما خلعت عني ثوب البرود

"أتقصد أسبابًا وضيعة كتهديد والدي الفارغ أني ابنة أخيه؟"
لاحظت اتساع حدقتيه فضحكت بالسخرية و واكبت حديثي بفالقٍ يشق صدري كلما تنهدت بثقل

"قلبُه لانَ بعد الخراب التي عاثته بي خيبتي بِك،  صارحَني بما دار بينكما و ألغى صفقة جيمين..."
ألقيتُ ما بجعبتي ووددت لومه على ما حلّ بي بغيابه، تمنيت احتضانه و النحيب طويلاً على كتفه فلم يعد بقلبي متّسع فثِقل كاهليَّ يرهقني

"لقد أردت العودة إليكِ رجلاً كاملا"
أردف بعد صمت و قد تألم قلبي لكلماته

"لطالما كنتَ بنظري كاملاً...  كُنت مثالياً بعيناي"
تواصلنا بصريا و لم يرُق لي غرغرة عيناهُ بدموعه، أتيقَّن أني سأنهارُ لو رأيتها تستوطن وجنتاه

"لكنّي لم أكن كاملاً لي،  لم أكن أهتم سابقًا كنتُ سعيدًا رفقتكِ شعرت أنّي أمتلك العالم بنظرةٍ واحدة من عيناكِ، لكن..  لكنَ كلمات والدك تركتني حُطامًا"
سقطت دموعه بغزارة و احمرّ أنفه بشدة امتلأت عيناي بالدموع و تمالكتُ نفسي كي لا أجذبه لحضني و أخبره عن كم كان مثاليا و أحببته بكل كياني

"أخبرني ما دار بينكما"
استرسلت أتفادى عيناه الغارقة بماءها
شعرت به يشابك أصابعه بعد مسحه دموعه و نظر لي متابعًا

"لم يكن ليقبلَ بي زوجًا لكِ أبدا، أخبرني عن مُراده لتزويجك بابن بارك، ظننت أن المشكلة هي المال كنتُ لأهبهُ أعظم الصفقات كان ليسمو كأفضل رجل أعمال، المهم أن لا يبعدني عن سعادتي لكن آمالي انهارت فقد أخبرني أنك تستحقين شخصا أفضل منّي، شخصا سليمًا لا معاقاً مثلي"
تساقطت دموعي بغزارة و كتمت شهقاتي أحدّق بالزجاج المطل على المدينة، قبل فراقنا حاولت بكل ما بي من قوة طمس شعوره بالنقص و لو استطعت لقدّمتُ له عيناي ليرى بنفسه كم هو مثالي و ما كان يراهم عيوبًا كنت أراهم مُميّزات

"لم يكن فراقًا أبديا،  أعي أنه ليس من حقّي الذهاب دون وداع و العودة دون سابِق إنذار، لا يحقّ لي حتى طلب المغفرة منكِ،  لكن كل ما فعلته كان من أجلك خشيتُ أن تتأذي بحقيقة والديْكِ، أردتُ الخروج من البلاد للعلاج و العودة إليك رجُلا كاملاً يسعُك الحديث معه بحرية دون تلقي صمتاً قاتلاً من أبكم.."
لم أكتم شهقاتي فهاهي تخرج و تريه مدى الإنهيار الذي حلّ بي،  اعتصرت جفناي بشدة و غطيت وجهي عنه

"فاليري.."
همسا كان قرب أذني و ذراعين أحاطتا جسدي النحيل بقوة،  اخترقت حواسي رائحته الجميلة،  استمررت بتبليل قميصه ببكائي و لم أبتغي الابتعاد عنه مجددا،  يرى نفسه لا يستحق الغفران و لوْ أطلّ داخل قلبي لرآه ينبضُ حبًّا به

بفراقه واجهت أقسى مراحل الآسى، باتت أقصى أمنياتي عودته جانبي فأنسى انتهاجه سبيل الوجيعة و أتخذَ من حضنه ملجأً فلم يتبقّى لي غيره مسكنًا

نهضتُ فجأةً أخرج من مكتبي أمسح دموعي بخشونة،  دخلت غرفة الاجتماع مجددا لأخذ أغراضي التي أهملتها هناك، فوجدتها خالية من الموظفين عدا هوسوك الذي يقوم بجمع ملفاتي المبعثرة، انتبه لوجودي فلانت عيناه لعيناي المورّمة

"هوسوكي"
همست و أسرعت بخطواتي أرتمي بين ذراعيه اللتان فتحهما من أجلي فور رؤيته لدموعي كما يفعل دومًا

"ماذا يحصل لكِ طفلتي خرجتي باكيةً من الإجتماع و قد لحِق بك شريكنا الجديد، هل بينكما عداوة؟"
أردف بينما يمسح على ظهري بلُطف يحاول معرفة ما حل بي فأجبته بصوت مؤتجف أثر بكائي

"إنه هو هوسوك هو الشخص الذي أحببته و احترقت ألمًا لفراقه"
اخبرته و أصبحت أشهق بخفة لاحظت تجمُّده لوهلات ثم عاد ليطبطب على ظهري ببطئ

"ألم تقولي أنه لم يكن يستطيع الحديث"
أردف مستفسراً فعادة هوسوك معرفة القصة بجميع أطرافها،  فيريحني بعباراته الحكيمة و يساعدني بتناسي ألامي،  أخبرته بما حدث بيني و بين جونغكوك و لم أبخل بالتفاصيل عنه لحظات من الصمت إلى أنِ استرسل أخيراً

"يبدو أنه تألّم بذات القدر و قد دفع من ضريبة فراقه عنك أضعافاً،  لكن أنتِ حدثيني عن قلبكِ!؟ هل تريدين إعطاء علاقتكما فرصة؟"

شعرت بالخوف لأول مرة منذ وقتٍ طويل و بخُلدي يدورُ سؤال وحيد هل نستحق فرصةً أخرى،  الصدق يتلألأ من عيناه عندما أخبرني بما مرّ به،  هل أتنازل عن كبريائي من أجل حبٍّ ظننته قد دُفن منذ سنتين و لن يعاد إحياءه..

دقائق مرّت كالدهر و أنا أستوطن حُضن رفيق دربي هوسوك هيونغ تنهدت بقوة و استنشقت شهيقا ينعش قلبي،  و قد اتخذت قرارًا أخيرا

"هوسوك لقد قرّرت"
فصل حضننا و حدّق بعيناي و قام بمسح دموعي التي جفت على وجنتاي ينتظر مني إخطاره بخطوتي القادمة

"رأيتُ بعيناه الصدق الذي كان يتغمّدُه منذُ أول اعتراف حبٍّ فاهَ به،  يستحق الغفران و المخاطرة من أجله مرة أخرى"

اطلقت زفيرا مهزوزا و ضحكت بجانبية

"لكن ليس بهذه السهولة أريدُ رؤيته يعاني لبعض الوقت أحتاج أن يُثبت لي مدى تحمُّله من أجلي ... لقد بدأت لعبتي كوكي اللّطيف"

MUTETahanan ng mga kuwento. Tumuklas ngayon