لحن الفناء

119 8 2
                                    

ـ وراء الألوان... حكايةٌ مُظلمةٌ تُخفي سرًّا مُدفونًا ـ

تتدلى تلك الهيئة المرعبة من أعلى الدرج العتيق، كأنها لعنة أزلية تتحرر من قيودها، تاركةً وراءها أذيالًا من الظلام الحالك تُغلف المكان. تتأرجح أطرافها المشوهة في الهواء كأجنحة خفاشٍ ضخمٍ، تُصدر صوت احتكاكٍ مروعٍ يُمزق صمت الليل.

كلما اقتربت الهيئة من الأرضية اللامعة، زاد رعب الحاضرين، وارتجفت القلوب تحت وطأة خطواتها الثقيلة التي تُصدر صدىً مُخيفًا يُشبه أصوات صراخ الأرواح المعذبة. تُرسل تلك الخطوات موجات من الرعب تُزلزل أركان القصر العتيق، وتُحيل الأرضية إلى خشبة مسرحٍ تُعرض عليه مسرحية موتٍ مأساوية.

تتبعها صدى دقات خافتة، كأنها أنغام جنائزية تعزفها آلاتٌ قديمةٌ من عصورٍ غابرة. تُعلن تلك الدقات عن نهاية حياةٍ راحلة، وتُحذر من مصيرٍ مُظلمٍ ينتظر كل من يجرؤ على الوقوف في طريق الهيئة المرعبة.

تُمدّ الهيئة يدها البيضاء كالثلج، لكنّ بياضها ليس بياضًا طبيعيًا، بل هو بياض الموت والمرض. تُلامس يدها جثة راشيل، جثة هامدةٍ لا حياة فيها، عيناها مفتوحتان على مصراعيهما، لكنهما لا تريان شيئًا، بل هما مُعلقتان في فراغٍ مُظلمٍ يُمثل نهاية كل شيء.

تتوارى الهيئة المُظلمة في زوايا الظلام، تاركةً خلفها دربًا من الدماء الحمراء الداكنة يُشبه نهرًا من الموت. تُمسك بجثة راشيل بقوةٍ قاسيةٍ لا رحمة فيها، وتجرّها خلفها كجثةٍ هامدةٍ فقدت كل معنى للحياة. مع كل خطوةٍ تُخطوها الهيئة، تُنثر بعض قطع الدماغ المهشمة على الدرج، كأنها تُخلّد قصة الموت المُرعبة بألوانٍ قاتمةٍ تُخيف القلوب.

تتحول الأرضية إلى لوحةٍ فنيةٍ مُرعبةٍ تُجسّد الهلاك والفناء. تكتسي بألوان الأحمر المظلم والأسود المُرعب، وتُصبح شاهدةً على انتصار قوى الشرّ على قوى الخير والنور. صراخٌ مكتومٌ يُسمع من بعيد، كأنّه صرخةٌ أخيرةٌ لروحٍ تُودع الحياة، تاركةً وراءها عالمًا غارقًا في الظلام واليأس.

يتصاعد الهواء حارًا خانقًا، كأنما هو أنفاس الموت تُحيط بالجميع. تُصبح جدران القصر عيونًا تراقب المشهد بِرعبٍ عميقٍ، وتُشارك الهيئة في صمتها المُخيف الذي يُمزق أذن كل من يتواجد في المكان. يسود الظلام الدامس، لا يُكسره سوى ومضات البرق التي تُظهر أشباحًا تُحوم حول الجثة، كأنها تُشارك في حزنها وألمها.

يُصبح القصر مسرحًا للرعب والفزع، حيث تختلط الحقيقة بالخيال، ويصبح من المستحيل التمييز بينهما. تتحول راشيل إلى رمزٍ للموت والفناء، بينما تُصبح الهيئة رمزًا لقوى الشر المُظلمة التي تُسيطر على العالم. تُصبح الأرضية الملطخة بالدماء مسرحًا لمأساةٍ إنسانيةٍ مُروعة، بينما تُصبح السماء المليئة بالغيوم السوداء شاهدةً على انتصار قوى الشر على قوى الخير.

الملاك الساقط _ fallen angelWhere stories live. Discover now