" الفَصلُ الأوّل "

153 42 19
                                    

"مُختَلّ"

_____

..
..
..
..
..

_____

بنظرةٍ خافِتة عَلى ما يحيطُ بي عَلِمتُ أنّ الليل هُنا قد أظلمَ أكثر من اللازم ، وحلَّ القمرُ مظلماً ضئيلاً تماماً كليلَتي تلك..

لم أجد حولي نجماً يخفّف هولَ الظّلام ولا قمرًا آنسُ به...

وحشٌ أمامي يرتدي قميصاً أبيضاً بيده أشياء لا أفقهُ بها شيئاً

كاميرا صغيرة في زاوية الغرفة من الأعلى...

ممرّضة لا عملَ لها تقف بجانبي تناظر جسدي الهزيل مُشفِقة...

صاعِقة كهربائية لازمت جسدي لثوانٍ قبل أن تقطعَ الممرّضة التّيّار

لا أعتقد أنّني قادرٌ على الحركة ، شُلّت أطرافي..

حتّى إذا رغبتُ بالتّحرّكِ لن أستطيع ، فالسّلاسِلُ تهدّدني...

ما بال هذه الأَسِرَّةَ أينَما وُجِدتَ تُكبّلني ؟!!

ما لي وهذه الحلقات الحديديّة ما إن تصادفنا حاوَطتْ يدي ؟!
أين المناصُ من هذا؟!!

استجمعتُ ما استطعتُ من قوّة لأصرخَ يائساً :

-أوغادٌ قَذِرة!

ضحِك صاحِبُ القميص الأبيض ، قبل أن يضغطَ بيده على فمي ليزمجرَ حاقِداً :

-إلزم الأدَبَ يا وَلد

عضضتُ أصابِعه مُعانداً فابتعدَ فوراً ، لأهمس :

-عليكَ أن تواجهني كَـ رجل ، فُكَّ قيدي ثمّ افعل ما تريد !

-أتظنّ أنّك ستزيحُ عن مرقدكَ هذا إنشاً بعد أن أحرّرك؟!

قال ساخراً ، وابتسم...

حقّاً ، أنا بالكادِ أقوى على الكلام فما فائدة القيود ؟!

تنهّدتُ لأجيب :

-عليكَ أن تحمدَ الله لأنّ قواي خامِلة الآن ، لكن تمنَّ ألّا أراكَ خارِج هذه الغرفة المَقيتة كوجهك

ضحكَ بصخب ، واقتربَ منّي لينبس مهدّداً :

-شعرة واحِدة من رأسي ، سترديكَ في أسفل السّافلين !

لملمَ أدواته في محفظته وخرج ... تاركاً خلفه تلك الفتاة الّتي تحملُ في تعابيرها كمّاً هائلاً من التّعجّب ...

-هَل يمكنكِ الخُروج؟

سألتُها فأجابتني سريعاً :

-سيربطني بسريرٍ يجاور سريرك!


تنهّدتُ مجدّداً ، وأغمضتُ جفنيَّ مستسلماً لواقعي المريب...

هُنا ، حيثُ حُرِّرَ المَجنون وكُبِّلَ العاقل....

لا أملَ في الخَلاص من يدِ ظالمٍ هُنا أبداً !

_____

..
..
..
..
..
..
..
 
____

ڤاريوس || VariosWhere stories live. Discover now