"الفَصلُ العاشر"

12 5 0
                                    

1/4/2023 -


______

..
..
..
..
..
..
..
..
..
..

______

الشّيء الّذي جالَ في ذهني وكيف كانت ملامحُ العم راجح تتوسّل لي ألّا أقتله أنهكني

حاولتُ أن أطرد تلكَ الذّكريات من عقلي حين سمعتُ الباب يُطرَق بقوّة... وفُتِحَ فوراً بعدها...

كنتُ استشعرُ الخوف والهلع بتقاسيمِ وجهها وهي تقترب منّي دونَ إدراك...

أتت لي ، وأمسكت يدي اليُسرى بكلتا يديها ، لتهمس خشية أن يسمعها أحدٌ ما خارج الغرفة بينما تقول منفعلة :

-ڤاريوس ، أرجوك ... لبِّ ما أطلبه دونَ أيّ نقاش

حاولتُ أن أجاري خوفها ، لكن أبعدتُ يدي واعتدلتُ بجلستي ، ولن أنكر كم كان صعباً عليّ أن أجلسَ وتلك النّدوب ترتسمُ بجلدي...

-عَلى رِسلكِ يا آنسة ماذا دهاكِ؟

نبستُ بهدوء ، فازداد توتّرها واضطرابها بينما تهمس مجدّداً :

-نم على سريرك وتظاهر بالتّعب

عقدتُ حاجبيّ متهكّماً ، كنتُ أنوي أن أسأل عن السّبب لكن حين بات صوتُ خطواتٍ بعيدة لشخصٍ ما قادمٌ يتعالى دفعتني لتجبرني على الاستلقاء قصراً

تأوّهتُ متألّماً فصرختُ بوجهها :

-ما هذه التّصرفات

-إن قمتَ بمخالفة ما طلبتُهُ منك سنكون كلانا في عدادِ الموتى

عدّلت شعرها خائفة ، واقتربت منّي تتظاهر بمعاينة وظائفي الحيويّة

لم يكن منّي إلّا أن راقبتُها وملايينُ إشارات الاستفهام تحومُ فوق رأسي ...

وحين صار الصّوت واضحاً للغاية وقفت أمامي وهي تقولُ بنبرتها العالية تلك :

-كبدكَ مُرهق ، ولديكَ الكثير من الجروح الملتهبة والتّشنّجات ، عليكَ أن تتحسّن بسرعة فأنت مقبل على عملٍ جراحيّ

كانت تلمّحُ لي أنّها تقول هذا ليسمع الطّبيب خلفها ، الجرذ البغيظ ذاك!

تظاهرتُ بإرهاقٍ لا يُحتَمل كما أخبرتني لجين ، وبدأتُ أصدرُ أنيناً كلّما تذكّرت....

رأيتُ الطّبيب ينقل بصره ما بيني وبين لجين والحيرة بادية عليه ، لكنّه تنهّد والتفّ عائداً أدراجه فتنفّست لجين بارتياح ...

أمّا أنا فاستدرتُ لأستلقي بالنّاحية اليمنى من السّرير مُولياً إيّاها ظهري ...

لم أكن أرغب بالحديث ، فُضولي كاد يقضي عليّ لكنّني أحبّذُ لو أنّها تخرج فحسب...

-أعتذرُ لأنّني تسرّعت واتّخذت هذا القرار دون علمك

سمعتُ صوتها الآسِف ، كادَ لا يُسمع لشدّة ارتجافِ نبرتها....

-إمّا أن تشرحي بسرعة أو اخرجي وأقفلي هذا الباب

عجبتُ من نفسي على هذه الرّدود الغير مبالية ، ليس وكأنّ الأمر يعنيني!

ساد صمتٌ غريب ، تَبِعه صوت لجين الّتي بدأت تثرثر :

-هم قرّروا أن يستأصلوا كبدك ويبيعوه مقابل مبلغ خياليّ ، لقد تظاهرتُ بأنّك لن تحتمل هذا وقد يتخرّب الكبد أثناء الاستئصال ... سأحاول أن أُتعِب كبدك بكميات من السّكر ، لكي يكون مرهقاً فعلاً إذا جاء الطبيب ليتأكد منه بنفسه

ضحكتُ ساخراً منها ، ولم أجِب بأيّ شيء ممّا دفعها للحديث مُجدّداً :

-قرّرتُ أنا وأحد الممرّضين أن نُهرّبك من هنا....

استدرتُ موجّها نظري لها على عجل ، وسألتُ بعد أن التمستُ من كلامِها بصيص أمل :

-كيف؟!

-أنتَ ثق بي وامنحني الإذن فقط

-أنا ميت بكلا الحالتين ، افعلي ما يحلو لكِ ...

راقبتُها تبتسم ، كأنّ ما يحلُّ بي يضايقُها أكثر ممّا يضايقني...

-أعدك أنّني سأبذلُ ما بوسعي لنخرج

-أنتِ أيضاً ستهربين؟

-بالطّبع لا ، يمكنني تقديم استقالتي فحسب...

همهمتُ لها وعدتُ لأستلقي كما كنت ، فتنهّدت هي وسارت نحو أحد الدّروج لتخرج حبوباً منها....

تقدّمت منّي ووضعتها أمامي ثمّ اتّجهت نحو بابِ الغرفة لتهمس لي قبل خروجها :

-تصبح على خير

صوتُ إحكام إغلاق الباب أراحَني ، نظرتُ للدواء مستغرباً لكن سرعان ما انتشلته ابتلعُ إحدى الحبوب منه ....

ميتٌ في كلا الحالتين ، فممَّ أخاف؟!


______

..
..
..
..
..
..
..
..
..
..

______

ڤاريوس || VariosWhere stories live. Discover now