"الفَصلُ الثّامِن"

14 6 0
                                    

"مَطَر"


______

..
..
..
..
..
..
..
..
..
..

______

-شِتاءٌ مَطرهُ قاتِم ، مُمتزج بدمِ أحدهم....

5/9/2019

مشيتُ على الرّصيف وصوتُ ارتطامِ الماء بالأرضِ حولي يُطرِبُ مسمعي ...

شعرتُ بالرّاحة في طريقي إلى المدرسة لأوّل مرّة

آخرُ سنة لي في الإعداديّة...

مهدّئٌ للأعصاب!

أحبُّ غضبَ الغيوم...

نسمات خفيفة تلفحُ وجهي مع مياه تُبلّلُ سترتي  الجّلدية ، رغمَ امتلاكي مِظلّة لكنّني أحبّذُ لو غُمِرتُ بالمَطر...

ارتفعَ صوت هاتفي يعكّرُ صفوَ راحتي ، رفعتُ الشّاشة فتبلّل هاتفي وأنا أحاولُ قراءة اسم المُتّصل بما أنّ إضاءة هاتفي ضعيفة ...

أبي... يتّصل؟

لابدّ أنّه أمرٌ مهم فأبي لا يفتقدني إلّا لنازِلة أو مصيبة!

-نعم أبي

-عُد للمنزل ، إلى القَبو ، سريعاً!

-ماذا هناك"؟

سألتُ مُتوتّراً وقد أغلقَ والدي الخط ...

هذا مستفزّ للغاية!

استدرتُ عائداً أدراجي.... ولم يستغرق الوصول إلى قبو منزلي الكثير من الوقت

رأيتُ جارَنا مُكبّل بإحكامٍ تام فوق كرسيّ حديديّ ، بدى منهكاً كما لو أنّه مرَّ بِشتّى أنواعِ العذاب....

والدي ، يقفُ متكتّفاً في الزّاوية والغضبُ بادٍ على تقاسيمِ وجهه الهَرِمة....

وأمّي ، بجانِب والدي... صامتة وجهها مُصفَرٌّ للغاية

-هل هذا فيلم من افلام هوليوود الآن؟!

قلتُ جملتي ثمّ قلبتُ عينيّ بملل ناوياً أن أخرجَ من المكان ، لكن قبل أن أستدير استوقفني صوتُ أبي :

-خطوة واحدة تُنهي حياة هذه المرأة يا وَلد!

حاولتُ أن أجد امرأة غير أمّي في هذا القبو الصّغير ، لكنّني لمَ أرَ سوى ذاك المُربَّط وأمي المرتعبة وأبي الّذي يحملُ بيده مسدّسين....

وقفتُ أرمقه مستغرباً ، وحين فقدتُ الأمل في فهم ما يرمي إليه سألتُ متوتّراً :

-ماذا تُريد؟

-أقتُله....

قالها ببساطة ، رأيتُ الجّار أدمعت عيناه ونظرَ لي يحاولُ اكتساب شفقتي بنظراته المُهتزّة ...

لا أعلم لمَ كُلّ خلايا عقلي صَرختْ تعارض أبي ...

-أنا لستُ قاتِلاً

-ستصبحُ كذلك

وجّه فوهة المُسدّس الأوّل لرأسها ومدّ بالآخر لي ، ثمّ أمرَني مؤكداً كلامه :

-قُلتُ لك أقتله!

-لا أستطيع

بدأتُ أرتجف ، والخوفُ ينهشُ روحي....

لكنّ ما يتمركزُ عند رأسها دفعني للأمساكِ بالمسدّس ، بصعوبة بالِغة أمسكتُه أصلاً!

-سامِحني

همستُ وقد هطلت أوّل دمعة منّي ، ها هي عيني تُشاركُ الغيوم حزنها....

أغلقتُ جفنيّ وتملكني الجّبن...

كان يتحرّك علي الكرسي ينهاني عن فعل ما أوشكتُ عليه من خلال حركاتِ رأسه....

-أقتله !

صرخَ أبي بقوة ممّا أفزعني وانتفضَ جسدي دونَ إرادةٍ منّي

أيقظني من شرودي صوت الطّلقة الّتي هزّت القبو....

اتّسعتْ عينيّ وقلبي هبطَ إلى ما دونِ قدميّ...


*الآن ، أنا أكرهُ المَطر....*


______

..
..
..
..
..
..
..
..
..
..

______

ڤاريوس || VariosWhere stories live. Discover now