"الفَصلُ الخامِس"

53 34 11
                                    

* تَائهٌ جدّاً *





______

..
..
..
..
..
..
..
..
..
..

______

إنّه أبي....

وبجانبه أمّي...

أنا خائف... جدّاً

من نظرةِ زهرتي المنكسرة...

الدّنيا بأكملِها تهونُ إلّاكِ أمي!

عدتُ بنظري لوالدي ، وشرايين قلبي ترتجف

خرج الطّبيب ، لحقته لُجين والباقي...

بقينا ثلاثة أشخاص ...

أنا ، وقاتِلُ شبابي ، وأمّي

-ڤاريوس ، عُد من حيث أتيت

أمرتني هي بذعر ، أبصرتُ تلك البسمة المخيفة ترتسمُ بخفّة على فاه أبي....

نبرتها الّتي كانت مهتزّة مُتبعثرة رغم محاولاتها الفاشلة في الثّبات ...

خطَتْ نحوي خطوتين ، والثّالثة امتزجَت مع صوتِ رصاصة اخترقت روحي قبل جسدها....

فُزِعت  ، ولهولِ الصّدمة وقفتُ مذهولاً أمام جسدِها الّذي بات يتهاوى ، بهدوء...

كانت رصاصة واحدة ، صداها لازال يتردّد في جوفِ أذني إلى الآن ...

فتح الباب وخرج أبي من الغرفة ... بعد أن أكّد لي أنّني التّالي....

خفتُ أن أقتربَ منها فأكتشفُ موتها فأُجَنُّ ...

وخفتُ ألّا أقتربَ فتزهقُ روح أمّي هكذا .... بسهولة!

كدتُ أقترب  ، قبل أن أستدير لأجلسَ بالزّاوية بعيداً عن الجثّة

لا أعلم ماذا دهاني ... لكنّني خائف

اتّكأتُ برأسي على ركبتيّ بعد أن ضممتُهما لصدري ، ثمّ انتحبت...
شهقة واحدة ، كانت مَطلعاً لسلسلة أخرى من البكاء والشّهقات الموجِعة....

كنتُ أهذي والذّعر تملّكَ ما بقيَ على قيدِ الحياة مِنّي

شعرتُ بالألم ، بكلّ جوارحي...

هاهي أمّي فَرَشتْ الأرضَ ونامت ، لن تستيقظَ مجدّداً

ازدادَ ارتجاف يدي ، حين استقمتُ لأقتربَ منها

ثمّ وكزتُ كتفها برفق...

-أمّي ... أنا هنا

لم تُجبني ...

وضعتُ يدي على صدرِها أُحاول إيقاف النّزيف ...

أتخبّط بأفكاري وقلبي ينبضُ بجنون...

أحقّاً ماتت الّتي كنتُ ألوذُ لحنانها مِن هَول عالمي؟!

هل رحلَتْ من كنتُ خائفاً من فِقدانِها طيلةَ حياتي!؟

شهقتُ مرّة أخرى بقوّة ، كادَ حلقي يُدمى لشدّة بكائي

همستُ لها ، بغير تصديقٍ ونبرة ضعيفة...

- أمّي ، أرجوكِ ... من بقيَ لي الآن؟"

مهما بلَغَتْ قوّة المرء ، أمامَ هذه اللّحظة سيضعف...

- أمّي ، أرجوكِ

صرختُ بهستيريّة مَذعوراً... لقد ماتت!

صَوت صَرير الباب أوقفَ انتحابي ، وظهرَتْ خلفَه لُجين ...

أدرتُ رأسي متجاهلاً وجودها ، حملتُ أمّي وحاولت الخروج بينَما أنادي ذلكَ الطّبيب

لكنّ لجين أمسكت بكتفي وأرجعتني للوراء ، ثمّ أغلَقَت الباب بسرعة قبل أن تهمس بخوف :

-أصغِ لكلّ حرفٍ سأقوله لك ، إن خرجتَ بها حتّى وإن كانت على قيد الحياة لن ينقذها أحد ، ضعها أرضاً ودعني أفعل ما أستطيع فعله

بدت كأنّها تخاف أن يسمعها أحد ، وكأنّ ما تقومُ به جرمٌ ما ...

لم أتوانى في تنفيذ ما قالته ، بل وضعتُ أمّي على الأرض ومدّدتُ جسدها ، وحميتُ رأسها من برودة الأرض حين مَركزتُ كلتا يديّ تحته....

كنتُ أراقبُ تحرّكات تلك الممرّضة بحذر ...

ما الّذي دفعني لتصديقها ؟

لربّما كَانت أيضاً تُريد قتلَ أمّي!

أنا تائه ...
تائهٌ جدّاً....


______

..
..
..
..
..
..
..
..
..
..

______

ڤاريوس || VariosWhere stories live. Discover now