"الفَصلُ الثّالِث"

60 39 11
                                    

"وَالِدي"

_____

..
..
..
..
..
..
..

_____

عقدتُ حاجبيَّ منزعجاً من ذلك الوَخز الّذي أصابَ يدي...
شيءٌ ما ، أشبه بالألم....
فتحتُ عينيّ معلناً نهاية نومي...
مؤلمٌ أن أستيقظَ كلّ صباح متمنياً ألّا أستيقظَ مُجدّداً ...

-ما هذا ؟

حدّقتُ مُطوّلاً بالممرّضة التي تنحني أمام سريري منهمكة بأمرٍ ما...

بكلٍّ مرّةٍ ألمحُ بها يديها تتحركانِ أستشعرُ ألماً لا يطاق يسري في عروقي!

وبعد أن قابلتْ سؤالي بالتّجاهل ابتسمتُ متهكّماً ، لأعاود السّؤال :

-هل تحقنينني مجدّداً

-ألديكَ مانع ؟

-حسناً ... لن أعلّق ، هل هذا مهدّئ؟!

سألتُ مجدّداً ، فهمست هي بنوعٍ من الشّفقة

-ڤايروس...

جَحُظت عيناي والصّدمة أكلتْ من ملامحي نصيب... قلتُ بعدمِ تصديق :

-لم أسمع ... ما هذا؟

-ڤايروس...

أجابتني وهي ترمي بقايا الدواء بالقمامة... بدت لي كَما لو أنّها تُحاول تصليبَ مظهرها دونَ أن تُظهِر تأثّرها بفعل هذا...

-هل سأموت؟

سألتُ يائساً ، فنبست هي بيأس :

-رُبّما...

-ما الهدف من هذا ؟

-حياتك ليست بتلك الأهمّيّة لرئيسِ الأطبّاء هنا ... وضعوكَ بقائمة فئران التّجارب....

-توضيح ؟! ... هل سألقى حتفي بهذه اللعنة هنا؟

-لا أعلم ، أعتقد أنّك ستموت بعد ساعة من الآن...

حركتُ رأسي بعشوائية أحاولُ طرد أفكاري السّوداويّة الّتي داهَمت عقلي...

الموت؟

أليست حياتي بالفعل مهزلة؟... الموتُ هديّة مُزيّنة الآن بالنّسبة لي!

-إذاً ، أنتِ تنتظرينَ موتي لتغطية جثّتي قبلَ أن تغادري؟

-لا ، نحنُ نجرّب فعاليّة دواء ضدّ هذا الڤايروس من صنعُ أحد أطبّاء هذا المكان..

قهقهتُ ساخراً من نفسي ، ألهذه الدّرجة أصبح الأمر سخيفاً فجأة!؟

نقلتُ بصري لمصلٍ كان قَد عُلِّقَ بجانبِ سريري ، ينقلُ ما بداخله لوريدي بانسيابيّة مُطلَقَة

-هل المصل فيه ذلك الدّواء؟

-بدأتَ تكثرُ أسئلة بلا فائدة أيّها الفتى...

- ما اسمكِ ؟

-لُجين

اجتاحَ جسدي تشنّجٌ رهيب ، حاولتُ ألَّا أصرخ لكن سرعان ما صرختُ أسبّ وأشتم من حولي ...

هذا الألَم أفظعُ مِن أن يُحتَمَل!

خطرَ لي حينَها فقط استفسار واحد :

دائماً ما يدفعُ الأبناء ثمن زلّات آبائهم!

فـ من قال أنّ الأب سند؟""

أنا معاناتي تنتهي بانتهاءِ والدي!

لم يكن سنداً بل كان غصّتي ،
هو ليلي شديدُ الظّلمة...
حالكُ السّواد

بجدّيّة.... لستُ مهتمّاً....

ما يُهمّ الآن هو:

هل أمي بخير؟!!!

هل أمي شاهدتْ ما تصوّره الكاميرا المعلّقة أمامي....

هل تركها والدي على قيد الحياة!؟

ذلك البَغيض!

.
.
.
.
.
.


________



-دعهُ في هذا المكان ، زَوّرتُ أوراق مريضٍ عقليّ له ... يمكنك أن تفعل به ما تشاء ...

كان يتحدّث بصوتٍ أجشّ ، تملؤه ثقة غريبة...

انحنى الطبيب بينَ يدي والدي....

ذلك العجوز الخَرِف!

مدّ له أبي رزمة كبيرة من المال ، ثم همس له متلاعباً

-صوّر جحيمه وأرسله لي ، سألقّنهما درساً لا يُنسى!

غمزه ، ثمّ تركني مكبّلاً على ذلك الكرسيّ

وسارَ خارجَ المشفى

أريد أمّي ...

لستُ بالعشرين مِن عمري ، أنا الآن طفلٌ يرغب برؤيةِ أمّه فحسب....

لن أخرجَ من هنا إلّا جثَّةً هامدة...

أصبحتُ لوالدي نَسيّاً منسيّاً ...

أمّي ، النّجدة!

_____

..
..
..
..
..
..
..
..

_____

ڤاريوس || VariosWhere stories live. Discover now