فاتنة ناعمة فيها هدوء ودلال
حاوية كل زين وكل طبع ٍأصيل
~
-عند وطن وفهد
وطن حركت رموشها بخفة، وبعدين فتحت عيونها ببطء... كانت تحس بدفء غريب، مو دفء البطانية، ولا حرارة الجو...
نزلت عيونها بهدوء، وتفاجأت لما شافت فهد نايم على فخذها، راسه مستكين كأنه لقى المكان الوحيد اللي يقدر يهدأ فيه، وتنفسه كان هادي، منتظم
، يدها تحركت بهدوء وسحبت الشال اللي كان جنبه، رفعته بلطف، وغطت فيه ظهره،
أصابعها مشت على شعره برفق، تمر فوق خصلاته كأنها تسرد له حكاية حب
وفهد حسّ بحركتها، يمكن حسّ بالأمان، أو يمكن حرارة يدها قومته... فتح عيونه ببطء، ما تحرك، بس عيونه راحت على يدها، ثبتها للحظة، ثم مد إيده بهدوء، مسك يدها، وقبّل باطن كفها
فهد رفع راسه شوي، نظر فيها، وبدون ما يقول كلمة، قام من مكانه وجلس على الكرسي الجانبي، وهو يمسك يدها
مرت الدقايق بهدوء،و الغرفة، مليانه سكون حلو...
صوت خطوات سريعة برا الغرفة قطع سكونهم، وراه أصوات متداخلة، عالية، كأنها فوضى جاية من الممر فهد التفت بسرعة، وجهه تغيّر
قام من الكرسي، وراح للباب، وقبل لا يفتحه، سمع بوضوح صوت ممرضة تردف:
غرفة ٤١٥! بسرعة
اول ما سمع رقم الغرفه اللي هي غرفة وسن طلع بسرعه، ركض في الممر، كان يحس إن قلبه يركض قبله، يبي يوصل قبل أي أحد مرّ من بين الممرضات والدكاترة، وكل ما سمع كلمة "فشل"، "مشكلة بالكلى"، "تحليل"، "ضغطها نازل"، كان عقله يشتعل وضلوعه تضيق
وصل عند الغرفة ٤١٥، الباب مفتوح، وفيه اثنين من الدكاترة واقفين عند السرير، والممرضة توه تفتح ملف
فهد بصوت مخنوق، وهو يدخل بسرعة:انا ابوها
لف الدكتور عليه:
بنتك صار عندها خلل مفاجئ بوظائف الكلى...
فهد حسّ الدنيا تفرغ من تحته، لكنه ثبت، ما انهار، قرب من سريرها وسن كانت نايمة، لون وجهها شاحب، وعيونها مغمضة، ويديها فوق البطانية
قرب منها، مسك يدها، كانت باردة، باردة بطريقة ما تشبه يد طفل...
همسه بينه وبين نفسه، وهو يحاول يبلع غصته:
يا رب... لا تفجعني فيها-عند سطام وهيام
هيام كانت من بدري صاحية، ما قدرت تنام طول الليل، كل ما تغمض عيونها، تتذكر نظرات سطام، بروده، وسكوته اللي قتلها أكثر من أي كلمة ممكن يقولها كانت تدور في البيت، تحاول تشغل نفسها بأي شي... ترتب، تنظف، تطبخ، بس الحقيقة إنها كانت تدور في دوامة من التفكير: شلون أخليه يتذكرني؟
هيام كانت تروح وتجي في البيت، تحاول تشتت ذهنها، لكن ما كانت تقدر تبتعد عن تفكيرها في سطام كان كل شيء في حياتها مربوط فيه، وكل تفصيل صغير كان يذكرها فيه كانت عيونها ما تفارق الساعه، اللي كانت تكاد تشير إلى بداية اليوم الجديد، لكن هيام كانت ضايعة بعالم الأفكار والحيرة
قررت فجأة تروح للغرفة وتفتح الدرج اللي حاطه فيه صور عرسهم راحت تطلع الصور وحدة وحدة، وتتأملها بصمت
وفي وسط ذهولها، نزلت صورتها اللي كانت ماسكتها بيدها، على الأرض هيام كانت تسرح في ذكرياتها، لدرجة إنها ما انتبهت إلا على يد سطام وهو يمسك بالصورة سحبها، وهو جالس على الكنبة قدامها، يراقب الصورة عيون سطام كانت مركزه على الصورة، وكان يحرك أصبعه على وجهها بصوره،
هيام كانت تراقب كل شيء بصمت، عيونها مليانة تساؤلات، كانت لحظة غريبة بالنسبة لها بعد مافقد ذاكرته، ما كانت تعرف إذا كانت هذه فرصة أنه يتذكر كل شيء، أو أنها لحظة بتزيد المسافة بينهم سكتت، وكل ما كانت تقدر تسويه، هو أن تراقب كيف يمرر أصبعه برفق على الصورة، ولاحظت على وجهه ملامح لا تفسر، وكأنها كانت تخشى أن تسأله أو تحاول كسر الصمت
مرت لحظات، وكان سطام ما زال ساكت، ما قال شيء، لكن كان واضح عليه إنه غارق في تأمل الصورة، هيام صارت تحس بالوحدة أكثر من أي وقت، وكل ما كان داخلها يحترق من الألم، لكنها قررت تسكت وتخلي هذه اللحظة تمر
سطام، بعد لحظات من التأمل في الصورة، رفع عينه ببطء من الصورة وركز نظراته على هيام وبتحديد عيونها اللي كانت تنتظر أي كلمة منه، نطق أخيرًا:
أنا آسف..
هيام، اللي كانت جالسة على الأرض، رفعت حواجبها بستغراب، وكأن الكلمة كانت مفاجأة بالنسبة لها، قامت، وجلست جنبه نظرت له بعيون مليانه استفهامات:على إيش؟
سطام، وهو يحاول أن يجد الكلمات التي قد تخرج منه، تنهد قبل أن يرد:
على أني ما أتذكر...
واشر إلى الصورة في يده وكمل كلامه:
واضح أني كنت مبسوط،بس للاسف، ما أقدر أتذكرها... وما أقدر أتذكرنا
