" بدأت ُ أشعر بالعيد مذ عرفت ُ الله "

4.3K 394 29
                                    

لم تكن حياتي فارغة بل على العكس فهي ممتلئة بكل ّ ألوان الطيف ومتاعات الدّنيا من فساتين وشوكلا وخمس حسابات ٍ على الفيس بوك كن ّ كفيلات ً بملئ فراغي بعدما أنهيت الجامعة ، حتى يوم العيد لم أكن أشعر بالملل أبدا ً فبعد أن أنتهي من تصفيف شعري وتهيئة ملابسي ومعايدة أقاربي أنفرد ُبغرفتي وأثبّت حواسّي على هاتفي وأجلس ُ بالساعات وأنا أتنقّل بين حساباتي حتى ساعة متأخرة من الليل ، أشعر بالضجر فأرمي به على الأريكة وأستعد لتلك الحالة الممقوتة من الوحدة ، أين أنا ؟ ولم أنا هنا ؟ وماذا أفعل في هذا العالم ! حالة ٌ نفسيّة من الاضطراب تعتريني ، تفقدني صوابي ، أشعر فيها بالخوف ، بالوحدة ، بالانفصام ، وتستمر هذه الحالة لساعات ! وهكذا كل ليلة .

قبل أسبوع وبالصّدفة سمعت ُ مقطعا ً رائعا ً لدكتور وليد فتيحي وتضمن كلامه اقتباسا ً لابن تيمية جعلني أسرح في نفسي طويلا ّ حيث قال حينما كان في سجنه :
"ما يفعل أعدائي بي؟!
أنا جنتي و بستاني في صدري،
سجني خلوة، و قتلي شهادة،
و إخراجي من بلدي سياحة "

كرّرتها ست ّ مرات وكان لها وقع عظيم ً في قلبي لم أدرك ما سببه ، لكن ما أدركته هو أنني ذهبت لأتوضّأ ثم مسكت القرآن بدون أي تفكير كانت أول مرة ٍ أمسكه ٍ بعد أن كنت قد قطعته أيام الإعدادية حينما كانت حصّة التلاوة إجبارية . وقعت أنظاري على آية عجيبة سلبتني كياني " إن ّ الذين قالوا ربنا الله ثم ّ استقاموا تتنزّل عليهم الملائكة ألا ّ تخافوا ولا تحزنوا " رميت المصحف على الفور ليسقط على السرير وأجهشت بالبكاء ، قشعريرة ٌ غريبة انتابتني وإذ بي أجد نفسي في حالة سجود ٍ شبه فاقدة ٍ للوعي أبكي بلا انقطاع !

أول مرة أشعر بالله ..

أول مرة أنظر إلى السماء أناديه يا حبيبي ! أصرخ بها وقد ملأتني ، ملأت فؤادي ، أول مرة أشعر بأن الأرض حنون لهذه الدرجة على جبهتي حين أسجد ، أنا الآن بدأت الحياة ، عطّلت كل حساباتي واكتفيت ُ بواحد ، حذفت جميع الأفلام الإباحية من هاتفي ، صرت أنام وأنا أحدّثه وأستيقظ وأنا أحدثه ، صرت أسأله كل أمنياتي ، امتلأت به حتى وجدت نفسي ووجدت مكاني في هذا العالم ، اكتفيت ُ به ، وأدركت معنى السعادة .

اليوم الأول من العيد ، بدأت بتجديل ظفائري على غير كل عيد ، نظرت إلى نفسي بالمرأة ، رأيت ُ الله في قلبي يونّسه ، يونّس وحدتي وعمري ، ابتسمت ُ ابتسامة ً عظيمة ، كعظمتي أنا مذ عرفت ُ الله .

لأننا غاليات 💎حيث تعيش القصص. اكتشف الآن