(8): دار القضاء

297 14 1
                                    


وما هي إلَّا دقائق حتى عادت أودينا بفتى بثوب امرأة أمازونية مغلولة اليدين، والسلسلة متصلة بطوق في عنقها، وعلى ظهرها جعبة سهام، وعلى كتفها الأيسر قوس معلقة للدلالة على أنها كانت في الصيد، فقالت أوجستينا: دعيني يا أودينا أستوحي الفلسفة من التي أشرت إلى مصدرها.

فخرجت أودينا، وكانت أوجستينا تتفرَّس في المتنكرة المعتقلة جيدًا معجبة بجمالها، ثم أشارت إلى مقعد لدى المنضدة وقالت آمرة: جلوسًا.

فقعدت المتنكرة، واستأنفت أوجستينا التحقيق: أتأسف يا ذات العذار أن دار الاعتقال خلو من موسى يُحلق بها عارضاك، ولكنك لو أنبأتني منذ أول ساعة أنك اعتدت الحلاقة كل صباح وكل مساء لاختلقت لك موسى من أعماق الخفاء، فعذرًا. أين الموسى التي كنت تحلق بها عارضيك فآتي بها إليك؟

فتبرَّم الفتى، ولم يجب بكلمة.

– عذرت إقلالك من الكلام أمس إذ كانت رئيسة الشرطة تحقق معك؛ لأن الحياء من طبع النساء الجاريجاريات المتحصنات. ولكن الإقلال من الكلام الآن إنما هو جبن لا يليق بالرجال الجاريجاريين الذين تربطنا بهم أوثق صلة، صلة الدم. فمعظمهم آباؤنا وإخوتنا وأولادنا. هل تريد أن تنكر شهادة هذا العذار اليانع؟ (قالته بابتسامة).

– لا أنكره.

– حسنًا، ولماذا كنت تحصده كل يوم، وهو نصف حسن الفتى الجميل؟

– لأنه مستنكر في بنطس.

– ومن هي المرأة التي لم تستنكر وجودك معها بدونه؟

– لا أعرف امرأة أمازونية لا تستنكر وجود رجل معها في بنطس.

فقالت باسمة ابتسامة شعاعية: أما كنت تأوي إلى منزل امرأة حسناء؟

– لا.

– أين كنت تبيت؟

– في السجن.

– وقبل السجن؟

– كنت في الحدود.

فقالت سيدة القضاء أوجستينا متدللة مبالغة في الابتسام: من هي المرأة السعيدة التي كانت تتوقع قدومك إليها؟

– لا أدري.

– إلى أين كنت تقصد إذن؟

– إلى أي فندق في هذه العاصمة.

– لماذا قدمت؟

– لأجل النزهة، ولمفاخرة رفاقي في مشاهدة عاصمة مملكة النساء التي لم يدخلها رجل.

– هل كنت تجهل القانون الأمازوني الذي يحرِّم على الرجال الدخول إلى مملكة النساء وعقاب مخالفته؟

– كنت أعلمهما ولهذا تنكرت.

– أما حسبت حساب الافتضاح وهذا المصير الذي انتهيت إليه؟

– إن طيش الشباب يخطئ الحساب يا سيدتي.

وكانت تحملق في عينيه باشة إلى أن قالت: لا يطل من هاتين المقلتين إلَّا سحر بابل. أمن أصل بابلي أصل سلالتك؟

دولة سيدات في مملكة نساء ✔Where stories live. Discover now