(13): قصر الملكة

213 13 0
                                    


وبقيت الملكة بعد خروج أمها وأفريدوس وحدها، ولو وضع ميزان الحرارة على جبهتها حينئذ لارتفعت حرارته إلى الخمسين، تكاد تنفجر غمًّا وهمًّا، لم يعد القصر يسعها، بل الجو لم يعد يتحمل حرَّ أنفاسها.

انتفخ رأسها حتى كاد يصطدم بالجدران حولها، عدمت الحيلة، لم تعد ترى بدًّا من التضحية بنفسها أولًا، وبعد ذلك يبقى أفريدوس والعرش في ميزان القدر الأعمى.

وفي إبان أزمتها طرقت جورجيا الباب ثم دخلت إذ سمعت صوت الملكة بالإذن.

– مولاتي، هنا فتاة جاريجارية تتوسل إلى إذن جلالتك بالامتثال بين يديك لأمر لا تريد أن تفضي به إلى سواك.

فرفعت الملكة رأسها عن صدرها، وقالت لنفسها: «عسى مع هذه الفتاة فرج.»

ثم فكرت قليلًا، ثم قالت: قولي لها: إن الملكة مشغولة عن مقابلتك، وإنما كلَّفت رئيسة ديوانها أن تسمع سؤالك.

دعيها تدخل من غير أن تشعر أني أنا الملكة، بل يجب أن تعتقد أني رئيسة الديوان، حاذري أن تدعيها تفهم أني الملكة، هل فهمت أنت؟

فهمت كل الفهم يا مولاتي، يجب أن تفهم أنكِ رئيسة للديوان، وأنك بأمر الملكة تسمعين سؤلها.

– حسن جدًّا.

ثم بعد قليل أدخلت جورجيا امرأة بثوب عادي كأثواب الأمازونيات، وتركتها لدى الملكة ومضت.

وانحنت المرأة قليلًا لدى الملكة، أو مندوبة الملكة. فسألتها الملكة: ما اسمك؟

– اسمي أنيدون.

– لقد أمرتني جلالة الملكة بأن أهتم بسؤالك جد الاهتمام؛ لأنها مشغولة جدًّا، فليس في وسعها أن تقابل أحدًا في هذه الأيام، فماذا ترومين؟

– شكرًا جزيلًا لجلالتها ولك يا سيدتي، نمى إليَّ أن الفتى المعتقل هنا في القصر يزعم أنه خاطر بنفسه في الدخول إلى بنطس ليبحث عن خطيبته اللاجئة إلى هذه العاصمة من اضطهاد أهلها بسببه، فهل تأذن جلالتها أن أقابله؟

– إن الدخيل المدَّعي هذه الدعوى معتقل في دار القضاء، فهناك اطلبي مقابلته.

فقالت أنيدون: رأيت ذلك المعتقل هناك فما هو فتاي يا سيدتي، فإذا أذنت جلالتها لي بمقابلة الفتى الذي هنا انتفى كل قصد سيئ من وجوده في هذه العاصمة، وخرج منها بريئًا.

– لا أظن أن هذا الفتى المعتقل هنا هو خطيبك؛ لأني لا أعتقد أن خطيب أية امرأة يخاطر بنفسه في الدخول متنكرًا إلى بنطس لكي يبحث عن خطيبته، وهو يعلم العقوبة التي يستحقها.

فقالت أنيدون باسمة: أعذر خطأ حكمك هذا يا سيدتي؛ لأنك أنت أمازونية لا تعرفين ما هو الحب.

فقالت الملكة المتنكرة: أعرف أن الحب … هو … هو … هو … ماذا؟

– هو يا سيدتي القوة التي تجعل المخاطرة حتى الموت في سبيل الحرص على الحبيب ألذَّ من النصر في الحروب، وأمجد من فتح الممالك وقنص العروش.

دولة سيدات في مملكة نساء ✔Where stories live. Discover now