(15) والأخير: قصر الملكة

429 19 1
                                    


في هذه الساعة الحرجة نقر الباب، فأجفلا وأسرع أفريدوس إلى الحجرة السرية، وتقدَّمت الملكة إلى الباب ففتحته، وإذا بأوجستينا فيه، فقالت لها الملكة بصوت متهدج: ادخلي.

ورأت أوجستينا محيَّا الملكة متوردًا، وعينيها مضطربتين، كأنها كانت في معركة خصام حاد ولما تنته بعد.

فانحنت باحترام وارتباك، فبادرتها الملكة: ما وراءك يا أوجستينا؟

فقالت متلعثمة: ورائي يا مولاتي أمة تطالبني بالأمانة التي ائتمنتك عليها.

فقالت الملكة مرتعدة وجلة: الأمانة؟

– نعم، الفتى المتنكر ذو العذار.

فأجابت الملكة متشددة: وما هو شأن الأمة؟

– الأمة تنفذ الدستور يا مولاتي، وتريد أن ترى شريكة الفتى بالجريمة، أو أن يقتل الفتى قصاصًا لجريمته.

– عجبًا، هل انتقل حق الحكم من العرش إلى سواد الأمة؟ ما هذا التطاول من الأمة على ملكتها؟

– الأمة تخاف غضب الآلهة قبل غضب الملكة.

– والملكة حريصة على استرضاء الآلهة على الأمة، يجب أن تترك الأمة التدبير للملكة ولسيدات الدولة، اذهبي وطمئني الأمة بهذا.

– لم يبقَ للأمة قياد يا مولاتي، فحبذا أن تشرفي أنت من قصرك وتلقي كلمة اطمئنان، ففكرت الملكة قليلًا، ولم ترَ مخرجًا من هذا المأزق إلَّا بالوعد، فقالت: سأفعل. اخرجي أنت سكني ثائر الأمة بهذا الوعد.

وخرجت أوجستينا وبقيت الملكة تحدث نفسها: ويلاه، الأزمة تشتد، وهذه الخبيثة أوجستينا تزيدها وقدًا بلؤمها، لم يبقَ للتسويف نفع، يجب بت الأمر عاجلًا قبل أن يحدث الكسوف إن كان وقوعه مؤكدًا، ويجب تدارك الويلين ولو بالتملص من سلطة الهيكل.

ثم فتحت الباب الأوسط المؤدي إلى حجرة أمها، ونادت أمها، فلبَّت الأم في الحال، فبادرتها قائلة: أماه، في فمك فصل الخطاب إذا خففت من غلوائك، ورجعت بتذكاراتك إلى أيام صباك، أيام ثورة الطبيعة البشرية.

– لقد كنت في صباي أشد صلابة مني في شيخوختي العمياء، فلا تستنجدي بشيخوختي الهامدة، ولا تنتظري مني تحبيذًا لخطة خرقاء.

فتنهدت الملكة لشدة غمها، وقالت: لقد دبرت خطة أسلم بها وهي أن أترك أفريدوس لرحمة الهيكل؛ لأن الكهنة يعطفون بعضهم على بعض، وإنما أود أن أمهد للأمر بالتشفع به لدى رئيسة الكاهنات أولًا.

– خطة لا بأس بها، ربما كانت أسلم عاقبة من أي خطة أخرى.

– ولكن الأمة ثائرة، وأود تهدئتها ريثما أسترضي الهيكل على أفريدوس، وأوجستينا تنصح لي على أن أشرف على جمهرة الأمة من شرفة القصر، وألقي فيها كلمة لتهدئة ثائرها، فما تكون الكلمة يا أمَّاه؟

دولة سيدات في مملكة نساء ✔Where stories live. Discover now