ⅩⅩ

2.5K 129 28
                                    

ذات يوم كُنتُ أراهُ أمامي مُبتَسِماً، و كان يطوفُ في الأرجاء مُسبِّباً الإزعاج اللطيف بِالنِّسبة إليّ، إعتدتُ على الإستيقاظ كُلّ صباح مُقابِلاً عيناه الزُمُرديّة؛ قُبلةً على جبيني بعد أن أفتح عينيّ، ثُم نقضي اليوم معاً، و أعنيها، حيثُ كُنّا دائِماً معاً في ذلِك الوقت.

كان يُزعِجني لِلخروج معاً إلى أيّ مكان يرغب بِالذهاب إليه، كُنتُ أُحيط خِصره الممشوق كُلّما أصبح أمامي و أُقبِّل عُنقه، لِأُدغدغه بعدها فقط لِلإستماع إلى ضِحكته الجميلة، كان يسقِطُ نائِماً كالأطفال و الهاتِف في يده و سمّاعتيه تُحيط عُنقه بِشكلٍ فوضويّ و مُعقّد.

تِلك الأيّام كانت الأفضل؛ حيثُ أنّنا لَم نحتَج إلى أيّ شخصٍ آخر عدى أحدُنا الآخر، كان مَصدر قُوّتي و سعادتي، كان مَن يستطيع تغيير مزاجي بِكُلّ سهولة، هو الوحيد الذي إنفتحتُ له و أخبرتُه عن ماضيَّ و أسراري.. حتّى تِلك التي لطالما شعرتُ بِالخوف مِن البوح بِها حتّى لِنفسي.

هو كان يعلمُ أسراري، كان يحفظُني و كُلّ تفصيلٍ صغيرٍ بي لِدرجة تُخيفني في بعض الأوقات؛ لكِنّي أعلم أنّي أعرِفُه كما يعرِفني و أكثر، كُنتُ مُدقِّقاً في تِلك التفاصيل الصغيرة خاصّته، كمُحاولاته لِجذب إنتباهي بِطُرقٍ غريبة كالجلوس فوق حُضني بِلا سبب.

أم حين كان يستخدِم المِلعقة معكوسةً ليخلُط كوب الشاي الأسود خاصّته، حين يشعُر بِالضجر و ينفخُ الهواء على شعره ليتطاير أمام وجهه و يتساقط مُجدّداً مُغطّياً عيناه، و تِلك الليالي التي هَمسَ بِها " أُحِبُّكَ كثيراً، أنتَ كُلّ شيءٍ بِالنّسبةِ لي! " ثُمّ يحتضِنُني و يُقبِّل وجنتي.

كُرهُه لِلطماط وسط وجبته، الحلوى المُفضّلة لديه؛ حلوى القُطن، و الحلوى الحامِضة الَّلاسِعة. حُبّه لِلإهتمام بي و جعلي آكُل الطّعام الصِّحيّ، مُحاولاته لِجعلي أُقلِع عن التدخين، نظراته التي جعلتني أشعُر بِسربٍ مِن الطّيور يُحلِّق داخِل جسدي، و ذلِك الألم اللذيذ في قلبي، كُلّ تِلك الأشياء التي كان يفعلها أو كانت تحدُث مِن غير قصد.

الليالي التي قضيتُها أستمِع إلى نُكاتِه السَّخيفة و قهقهاته الصَّاخِبة، الأحضان التي كانت تُشعِرني بِالدِّفئ. ذِراعيه لطالما أشعرتني وكأنّي في الوطن، قلبُه؛ هو المكان الوحيد الذي أنتمي إليه.

مِن المؤسف أن يحدُث بعد ذلِك أن أجلُسَ وحيداً، في منزِلُنا؛ و كان قد رحلَ و تركني هُنا وحدي، لا أعلم ما أفعل؛ فقد كان مَن يُعطيني الطّاقة لِأُكمِل يومي، كان مَن يحُثّني على الإجتهاد و إكمال ما توقّفت عن فِعله، كان دوماً ينطُق بِالكلِمات التي تُشجِّعني لِأُنهي أعمالي سريعاً مهما مَلِلتُ مِنها، فقط لِأعود إليه و بين يديه.

فقد غدى مُجرّد ذِكرى تمرُّ على عقلي، و روحاً سكنت قلبي سابِقاً؛ أتجوّل في الأنحاء بِقلبٍ مُحطّم، مع طيفُه و الذِّكريات خاصّتي معه، أُسِرتُ بِه، و لا أعلم ما أفعل الآن لِوحدي، كم هو مُحطِّم أن تفقد الأقرب إلى قلبك في حين كان حولك طوال سنوات حياتك، فقد غدى مُجرّد ذِكرى، ذِكرى مِن الماضي الجميل.

→Done←🌌

Random Short One Shots · Ꮮ.Ꮪحيث تعيش القصص. اكتشف الآن