XXVII

1.6K 88 26
                                    


     "أَتَعجزُ عن فهمي؟" نبرةٌ حملت الكثير مِن اليأس بِها؛ نبعت مِن بين شفتيه "لا." أجاب الآخر بِغرابةٍ مِن السؤال المُفاجِئ، ما جعلهُ يترُك الكتاب الذي بين يديه.


    إرتفعت عينا الفتى الأصغر شيئًا فشيئًا لِتُظهِر ذلِك الصفاءُ و السِحرُ الكامِن بِهما؛ و الحُزن كان أوضح ما استطاع الآخر قِرائته بِهُما "هل حديثي مُمِلّ؟" طرحَ سُؤالاً آخراً، و لَم يسع الأكبر سِوى أن يقلق لِذلك الحزين، و هو لا يعلم السبب حتّى.


    "بِالطبع لا!" وضع الكِتاب على الطّاوِلة، مُحاوِلاً أن يقرأ تعابير الشابّ العشرينيّ "و هل تنزعِج مِن رغبتي المُستمِرّة بِكونك إلى جانِبي؟" هو أخفض أبصارهُ كما نطق، مُحاولةً مِنه في تخبِئة مشاعره الواضِحة في عينيه.


    "لا، أأنتَ بِخير؛ هارولد؟" و بدلاً عن حصوله لِجوابٍ على سؤاله، هو حصل على عِتاب "لكِنّي أفعل؛ لو، أنزعِجُ كثيراً مِن نفسي عِندما أُدرِك كم أرغبُ بِك، و لكِنّك لا تعي ذلِك." كشّر ملامِحهُ حزيناً و غاضِباً، يرفعُ عينيه لِلأُخريتين.


    قد طُبِعت الدّهشة على ملامح لوي، شاعِراً بِالخيبة مِن نفسه "لِأنّك لا تفهمُني؛ و دوماً تتهرّب مِن التواجد معي، لكِنّي لا ألومك هُنا، و لا أفرِضُ نفسي عليك، إنّي حتّى لا أعلم إن كُنتُ أُعاتِبُ نفسي أم أُعاتِبُك!"


     مع إبتسامةٍ صغيرة تُقوّسُ أطراف شفتيه، استقام مُغادِراً "أعتذِر على مُقاطعتِك." تمتم، قاصِداً الكِتاب الذي كان يقرؤه الأكبر، و رحل.


...


     فُتِح بابُ الغُرفة، جاعِلاً مِن الأصغر يتبسّم كما استدار لِلنّظر إلى صديقُه "لِمَ كُلّ هذا الحُزن؟" لوي، سأل عابِساً، يُغلِق الباب خلفه -ليس وكأنّ أحداً سيتجسّسُ عليهُما-


     "لا عليك، لو؛ إنّها مشاعري التّافِهة، لقد كُنتُ أمرُّ بِحالة إنفجارٍ عاطِفيّ!" أجاب مُستهزِءاً مِن نفسه، مُديراً عيناه. لكِنّ لوي فقط حدّق بِه، غير مُصدِّقاً ما نطق بِه لِلتّو.


     كُلّ ما فعلت تِلك النّظرات بِـهاري هو إرباكِه "لستُ أحمقاً؛ هارولد، و مشاعِرُك ليست تافِهة، أخبِرني!" مُتقدِّماً مِنه لِيُلاحِظ لمعة عينيه "أنا فقط أشعُر بِالوِحدة مُؤخّراً، أحتاجُ إلى ذلِك الإهتمام و الحُبّ الذي لَم أحصُل عليه قط، بِالرُّغم.." أخفض أبصاره كما تحدّث.


    "بِالرُّغم مِن أنّي قد وعدتُ نفسي بِأن أنسى هذا الهُراء، إلّا أنّي بِحاجةٌ لِهذا، أنا أُريدُ ذلِك؛ لكِنّي ما زِلتُ أُكافِح، أنا قويّ، لو، سأنجح، أليس كذلِك؟" رفع تينك الزمرّدتين، لِتظهر إبتسامة لوي كما تقدّم ليسحبه بين ذِراعيه "نعم، أنت قويّ."


     اختفت إبتسامتُه فور أن شعر بِشهقات هاري، هو كان يبكي "ماذا حدث لِلفتى القويّ؟" تسائل شادّاً ِبجسده أقوى بين ذِراعيه "لستُ قويًّا، بل مُجرّد ضعيفٍ بائِس!" ناح كما ارتفعت يداه لِتتمسّك بِكنزة لوي مِن الخلف.


     قُبلةً طُبِعت فوق رأسه "لستَ كذلِك، بُكائك الآن يعني أنّك كُنت قويًّا لِفترةٍ طويلة، و لا زُلتَ كذلِك!" تمتم لوي، مُحاوِلاً أن يُحسِّن مِن وضع هاري ولو كان قليلاً، لكِنّهُ استمرّ بِالبُكاء، و ذلِك ليس سيّئًا؛ ليس هُناك أسوء مِن تزييف القوّة و مُحاربة الضُعف، ذلِك ما يُهلِك النفس.


    "أفهمُك، هارولد؛ و لستَ تُزعِجني بتاتاً، ولا أجِدُك مُمِلّاً كما تظُنّ." همس لوي رافِعاً وجه هاري لِرؤية عينيه "إنسى ذلِك، لو."


    "أنسى؟ ليس بِهذهِ البساطة، عزيزي. ليس حتّى أراك سعيداً!" يديه انخفضت حتّى خِصرُه، مُدغدِغةً إيّاه هُناك لِيُطلق ضحكاتٍ صاخِبة و عينيه تلمع إثر بُكاؤه، كان هذا أجمل منظرٍ رأى لوي بِه هاري.


    فكّر لِوهلةٍ فقط، بِفعل شيءٍ سيّء لِتينك الشفتين؛ كامتصاص العذريّة بعيداً عنهُما، كَـإلتهامهما كالحلوى الطريّة، لكِنّهُ لَم يفعل أيًّا مِنها.


    "هل أنت سعيدٌ الآن؟ إن لم تكُن كذلِك، ستكونُ حبيسًا بين يديّ لِلأبد." تبسّم هاري، مُمسِكاً بيدا لوي اللتان امتدّتا لِمسح دموعه بعيداً عن عينيه "هذا عرضٌ مُغرٍ، أنا سعيد لكِن اترُكني أكون حبيس أحضانك لِلأبد!" عضّ شفتيه مُخفيًا إبتسامة.


     فقط كما لو أنّهُ لَم يكُن يائِساً قبلاً؛ ترتسم تِلك السعادة على شفتيه عِندما يحصُل على هذا الإهتمام الذي لطالما كان مُميّزاً بِالنِّسبةِ له، اهتمام لوي بِه. 


     "ستكون دوماً بين أحضاني، ستكون في قلبي دائِماً، هارولد!" سحبهُ مُستلقيًا و هاري بين ذِراعيه.

    لِرُبّما هاري لَم يحتج إلى 'الحُبّ' الذي كان يتحدّث عنه، لِرُبّما كُل ما احتاجه كان اهتمامُ لوي وحسب.


     لِرُبّما كان يرغب بِـلوي فقط.

→Done←💛 

Random Short One Shots · Ꮮ.Ꮪحيث تعيش القصص. اكتشف الآن