الفصل الأول:-إشعاع.

724 96 352
                                    

مَمرٌ طويلٌ اِنغرست على جانبيهِ أشجارُ الكرزِ مُغطيةً أرضيتهُ بأوراقها الوردية، وتساقطَ بَعضُها في مياهِ البحيرة الصغيرة المُستقرة في نهايتهِ والفاصلة إياهُ عن الجانب الآخرِ مِنه. اكتسبت مياهها الصافية لونَ السماءِ الأزرق، وتوسطها جسرٌ خشبيٌ على جانبيها أحسنَ رَبط ما قطعتهُ البُحيرة الصغيرة مِن الجانبينِ.

كانت المياهُ تحتَ ذلكَ الجسرِ الخشبي مُحتمية مِن أشعة الشمس، إلا أنّ إشعاعًا كان يبرز منها، بدا لونهُ زُمرديًا لا ذهبيًا كما أشعة الجالسة بَينَ أحضانِ السماء، وراحَ ذلكَ الإشعاعُ يزدادُ شيئًا فشيئًا حتى طغى بلونهِ على لون مياهِ البُحيرة، فباتَ زُمرديًا لا أزرقًا.

دوى صوتٌ حادٌ كاسرًا صمت المكان، قُبيلَ اِرتفاع حجرٌ زُمرديٌ مِنْ موقع الإشعاع، خارجًا مِنْ مياهِ البُحيرة، ومُرتفعًا نحوِ الجسرِ مِن تحت، ولوهةً بدا كأنّهُ سينفجر، إلا أنّ إشعاعهُ باتَ يَخفُت، وأخذَ ينزل نحوَ الأسفل عائدًا للاِختباء في مياه البُحيرة حيثُ كان؛ حِينَ اِقترابِ ثلاثُ فتياتٍ مِنْ البحيرة.

خَطت أقدامهْنَ فوقَ خشبِ ذلكَ الجِسر مُتحركة بِتناغم مَعَ بعضها، وما كَفت ألسنتهْنَ عن الحديث والثرثرة عَن الموضوع الذي صارَ حديث الساعة، وكأنهن لَمْ يَكْنَ ينحبْنَ ويَبكيْنَ طلبًا لإنتهاء اليوم الدراسي.

اِرتشفت إحداهْنَ جرعةً مِنْ علبة العصير، ورفعت برأسها نَحوَ الأعلى مُحدقة بِزُرقةِ السماء مُتلفظة كلماتها بهدوء:-

«كَثرت حالات الاختفاء هذهِ الفترة، ولم يتم العثور على آثر أو دليل يَدل على مكان المُختَطَفين.»

ما أنّ أنهت حديثها حتى عَقبتها أخرى مُعلقة بصوتها الجهْوريّ قائلة:-

«لم تَمر فترة طويلة على اِختفاء كيوري ميتسو،  ليختفي بعدهُ بمدة قصيرة ذلكَ الأجنبي ماثيو جارفيس طالب مَدرستنا، في ظروفٍ غامضة وغير مَعروفة الأسباب.»

نَطت الثالثة مِن مكانها وأخذت تَسيرُ بالعكس أمام الأخريات، وأضافت بحماسٍ بانَ مِنْ نبرةِ صوتها:-

«تبدو القضية غامضة ومثيرة للاهتمام بشكلٍ كبير، أود التحقيق فيها!»

قفزت في مكانها لبضعِ مراتٍ مَظهرةً شدة حماسها، ومُحكمة قبضتيها على أكتاف حقيبتها، واسترسلت قائلة:-

«هارونا! ستشاركينني بالتأكيد وسنفعلها ونحل القضية، أليس كذلك؟»

أومأت المَدعوة هارونا، وأظهرت ابتسامة واسعة زينت ثغرها، وتحدثت بنبرةٍ مُشجعة وفيها شيءٌ مِن الحماس بَينما تتمايل في سيرها، واضعة قَشَّةُ ارْتشافِ العصيرِ على شَفتها:-

«ولمَ لا؟ بالتأكيد، وستشاركنا يو كذلك.»

أخذت بارْتشاف العصير، ووجهت ابتسامتها إلى المَدعوة يو، وقامت بضربها بِكَتِفها، لتَتبسم الأخرى بدورها، وتفتح فاهها لتتحدث إلا أنَّ التي تسير بالعكس سبقتها وتلفظت بنفس حماسها:-

إلى العالم المَجهولWhere stories live. Discover now