الفصل الرابع:-مصيرٌ مجهول.

213 62 121
                                    

دَلف إحدى المنازل واستنشق العطر الذي يملئه والذي مَصدرهُ أغصان الأشجارة النَضرة المكونة له. قلب أنظارهُ هنا وهناك بينما يسيرُ بحذرٍ تام فمن الممكن أن يلاقي أيّ شيءٍ غير متوقع بالداخل.

كان المنزل كما غيره من المنازل المجاورة التي قد دخل لها، مساحةٌ واسعة مستديرة بالمنتصف فرش عليها سجادٌ ناعم الملمس مريح، وعلى إحدى اتجاهاتها نُصبت طاولة مربعة كونتها الأغصانّ أيضًا كانت ملتصقة بالأرضية بشكلٍ جيّد، كأنّها جزء لا يتجزء منه، وحول الطاولة تواجدت كراسي للجلوس عددها ستة فقط. ويقع باب لغرفةٍ بالقرب من مكان الطاولة، وأمامهُ مباشرة بابٌ آخر لغرفةٍ أخرى. وكان هناك سلمٌ بمنتصف المسافة بين البابين يؤدي إلى الغرفة العلوية الواسعة.

لم تحوي المنازل على أثاثٍ يُذكر عدا أسرة وخزانات بالغرف، ولوحاتٍ واضح أنّها مرسومة باليد اختلفت بأشكالها حسب كُلِّ منزلٍ. لم يكن هناك مطبخ أو حمام بالمنازل مما شكل هذا استغرابًا لدى الرفاق الستة وهم يفتشون المنازل.

ولجَ إحدى الغرف ليجد نفس الأثاث السابق لبقية المنازل التي فتشها، سريرٌ مع نافذة متوسطة الحجم بمنتصف الغرفة وستارة تغطيها، وكذا خزانة صغيرة قرب السرير موضوع عليها بعض الأغراض البسيطة، وخزانة متوسطة الجحم قرب حائط الغرفة مقوسة حتى تلتصق بالجدار المستدير. كان كُلّ شيء داخل المنزل مصنوعٌ من أغصان الأشجار.

فتحَ الخزانة المقوسة ليرى ما فيها، فلم يجد سوى فساتينٌ كأنّها من العصور الوسطى ذات تدرجات ألوانٍ زُمردية وخضراء، وبعضها يحتوي لونٌ أزرق بتدرجاته. أغلق الخزانة وأتجه نحو السرير، جلسَ عليهِ وأخذَ يناظر ما على الخزانة الصغيرة بقربهِ. دفترٌ لم يُكتب بهِ شيء، وعلبةِ حبرٍ قربهُ جف الحبرُ فيها، مع ريشةٍ موضعةٍ عليه. بحث بالأدراج فلم يجد شيئًا يُذكر، فزفرَ بضيقٍ وخرجَ يُكمل بحثهُ ببقية المنزل.

لم يعلم لماذا كان يشعر بأنّ شيئًا ما يوجد بتلك الغرفة وعليهِ البحث بها مجددًا، فقرر على أنّه سيعود لها ما أن يُكمل تفتيش المنزلِ كاملًا.

في أثناء تفتيشهِ بالغرفة العلوية، دخلت هارونا المنزل وصدحت بصوتها مخاطبة إياهُ بكلامها قائلة:-

«هل عَثرتَ على شيء؟»

لم يصلها ردّهُ فنطق باسمهِ وقالت:-

«كين؟ هل تسمعني؟ هل أنت هناك؟»

لم يَردّ لثوانٍ، ثم تحدث وهو ينزل درجات السُلم وينفث ذرات الغبار عن ثيابهِ قائلًا:-

«لا شيء فعليًا.»

«آه يا ألهي إلى متى سنستمر.»

تذمرت هارونا ضاربة بيدها فخذ قدمها وزافرة الهواء خارج رأتيها بقوةٍ، كأنّها تُبين مدى أرهاقها مِنْ تفتيش المنازل دون فائدة.

إلى العالم المَجهولWhere stories live. Discover now