Part_58_

51.3K 2.8K 622
                                        

حديثتي الشقراء
***

الحادي عشر من اذار للعام السادس والتسعين ...
في عشيه هذا اليوم اجلس عند النافذه التي تطُل على الباب الخارجيه انتظر مجيء ملك هذهِ المملكه ليملىء اركان منزلي من ربيع عينيه سعاده واطمئنان
هنالك حفيف مطر خفيف يهطل بين حين واخر .. يتخلل بعض النسيم البارد من فتحتات نافذتي مصحوباً برائحه التراب المبلل وشيء من عبق الياسمين الذي يزين اركان حديقتي محمولاً كل هذا على خفائف ورق شجر اخضر كان قد نمى في اواخر السنه الماضيه ...
يعيد لي الذاكره لثمانينات الفرح حيث كانت شوارع بغداد تبث هذهِ الاجواء طوال هذا الشهر وتضيف فوق فرحي فرح كأنها تعطي الحلوى لطفل يخرج في الاعياد فرحاً ولعوب بكل الارجاء
بغداد ام الاعياد .. محبوبه كل اديب وقارىء ومضيف لكل مهاجر ..
كما يلقبها والدي
... بغداد خاتون العراق ...
مضت ست سنوات على فراقها ولم اشعر انني بعيده عنها لم اشعر انني افتقدت وطني .. حديثه كانت كفيله بملىء فراغ كان سيكبر ببعدها
اعطتني نفس الاجواء ..بغروب شمسها وزرقه سمائها ولطف اصحابها واعطتني نفسي بذلك المعطف الابيض والثوب القصير والشعر المرفوع بعنايه والخد المتورد والضحكه المشرقه بين غيوم الشتاء والخطوات الواثقه كأن العالم برمته ملك يميني ..اسير على ارجائه بطفولتي واول الشباب وهو يشرع لي ابواب الامل لدخوله
كلها قد اهدتني اياها بكامل الامتنان
حين القتني عند شجره من املاك
ملكٍ اصبح على حملي لمملكته عاشق
وبعظيم عشقه اعاد لي عظيم ما فقدت
اليوم انا في حضره عينيه امرأه لا تشيب
لا تكهل لا يزورها تعب ولا تكبر مهما تعدت من السنين ربيعاً ....
كل يوم ينيره صوته وجمال بسمته
بنطق اسمي الذي اسماني به بكل حب هو تخليد لي عند عمر الشباب ..
كأن الجنه التي نخلد فيها ثلاثيين العمر
اصبحت ملكي اليوم معه ..
كان لي في الماضي عزيز ظننته قد حمل كل ماتبقى من قلبي معه لكن قد توضح لي انه لم يحمل سوى تجربه علمني فيها كيف استدل بطريقي الى من سيملك القلب بكامل الهدوء ورِقه الحضور
كأنه كان اشاره من القدر ليعرفني بها موطني الاصلي ..قد بعثني فيها لمكان خلودي الدنيوي.....

بكامل ما اضحى عليه عقلي من دروس وعبر ومطبات قد اضافت لعقلي عقلًُ اخر من الموعظه ودقه الفكر وبعيداً عن كما لو اني منجرفه المشاعر للحظه
اوثق هذهِ العباره لتكن ختام ما مضى من جهل وتشتت وبدايه لما يأتي من نور صنعه لي القدر ..

حديثتي الشقراء Where stories live. Discover now