2- محكومة لستة أسابيع

16.1K 541 9
                                    

ما إن حلت فترة ما بعد الظهر , حتى كانت أوفيليا تجلس وراء طاولة في المكتبة , تحاول ضبط الفوضى التي تحيط بها فحولها فواتير واتصالات كانت مكومة دونما ترتيب في صينية وهرم من الرسائل التي تنتظر أن تفتح ويتم الرد عليها , أما دفاتر المحاسبة , فقد كانت في فوضى كاملة . وكأنما مساعدة دانيال ثورب كانت غائبة منذ أسابيع , وليس فقط لبضعة أيام , ولم تستطع فيلي إلا أن تظن ربما . بان المرأة ليست كفيلة لإدارة مكتب حتى وهى تقيم هنا
على طاولتها هاتفان , أحدهما داخلي والأخر خارجي مباشر , وتمنت أن لا يرن واحد منهما قبل أن تعرف موطئ قدميها . وبتقدم الوقت أحست بالراحة لبقائها صامتين .
في المساء , كانت كل الأوراق المتناثرة بشكل فوضوي قد أصبحت مرتبة ومنضدة داخل الملفات , والتي رفقتها فيما بعد بالترتيب حسب أهميتها . ولكن على الحسابات أن تنظر إلى الغد .. فهي ليست صانعة معجزات !
ما أن أصبح لديها بضع دقائق لنفسها حتى نظرت باشتياق إلى الهاتف ... كانت تتوق إلى استخدامه طوال بعد الظهر ,ولم تتمكن من مقاومة الإغراء بعد فالتقطته , وبسرعة أدارت الرقم الذي تعرفه عن ظهر قلب
مضت بضع دقائق قبل أن ترد أمها .. وحتى ذلك الوقت كانت أصابع فيلي تدق بتوتر وإذناها مشدودتان إلى السماعة .. وما أن سمعت الصوت المألوف من جانبها حتى قالت :
مرحبا أمي.. هذه أنا , اتصل بك لا طمئن إلى أن كل شئ يسير على ما يرام .
ردت إلام بصبر :
_ فيلى .. لم تغيبي أكثر من ساعات فماذا يمكن أن يحدث ؟
_ لاشيء على ما اعتقد . لكنني .. فقط .. اواة .. لم استطع الا ان اقلق . كيف حال عصفورى _ توبلدوم وتويلدى ؟
_ بخير تام ياكلان جيدا , وهما الان نائمان .. كيف حال الوظيفة ؟
كشرت فيلى وهى تقول :
_ لن تكون سهلة بكل تأكيد .. يبدو أن الأمور في فوضى عارمة هنا .. وستمر أيام قبل تسوية كل الأمور .
_ أتظنين نفسك قادرة على البقاء ستة أسابيع ؟ لن تتركي اللورد كادوفان بكل تأكيد كما فعلت الفتاتان اللتان أرسلتهما إليه ؟
- قد أتعرض للإغراء ولكننى مصممة على أن لا استسلم , فأنا بحاجة إلى أن اترك انطباعا جيدا لديه .. وستكون اطول ستة أسابيع في حياتي .. ومازلت غير واثقة مما اذا كان يجب ان اجئ بنفسى .
_ لا تكوني سخيفة فيلى .. تويلدوم وتويلدى بخير معي . وبمثل وضعك المالي الحالي , لا يمكنك تحمل المخاطرة .. كل " بنس" كان معك مستثمر في الوكالة .
_ لا تذكرينى بهذا . لو فشلت الوكالة سأقع فى مشاكل حقيقة .
_ اذن انسى كل شئ اخر , وركزى اهتمامك على النجاح فى مهمتك .
_ كيف انسى تويلدوم وتويلدى فلذتي كبدي ؟
_ الأمر صعب حقا . ولكن حاولي التفكير بهما خارج دوام ساعات العمل وبإمكانك الاتصال في اى وقت تشائين .. انا دائما هنا , ولكن لك الثقة بأنهما فى رعاية أيد أمينة أشد حرصا عليهما منك .
- شكرا أمي .. تعلمين كم أنا ممتة لك ... لكل شئ , الأفضل أن اذهب ألان فلا اعتقد ان ردة فعل اللورد ستكون ايجابية فيما لو عرف اننى استخدام هاتفه لمكالمات خاصة
_ وداعا يافيلى وتذكرى .. لا تقلقى . حاولى فقط ان تعطى الانطباع الجيد , كى يتحدث اللورد عن سمعتك الطيبة أمام أصدقائه.
بيطء أرجعت اوفيليا السماعة إلى مكانها .. تويلدوم وتويلدى هما الاسمان المستعران اللذان أطلقتهما على ابنها التوأمين منذ كانا طفلين , التصق بهما الاسمان مع انهما الآن فى الثانية من عمرها .. كانت تكره أن تتركهما , ولكن عليها أن تعمل لتعيلهما .. فهذه هى المشكلة القديمة للام الوحيدة , وشكرا للسماء ان لديها امها لتوفر لهما المساعدة ومنزل ثابتا مريحا , فى الأوقات التى لا تكون فيها الى جانبهما بفعل ضرورات العمل .
صوت أصبح مألوفا لها قاطع تفكيرها الحائر فجاة , انه صوت اللورد الذي وجدته ينتصب أمامها ويقول غاضبا :
_ اتنوين استخدام هاتفي كثيرا لمكالمات خاصة وأنت تعملين لى ؟
بسرعة استدارت فيلى . كان دانيال ثورب يقف عند الباب وعيناه الباردات المصوبتان إليها نوحيان بإشارات عدم الرضي بوضوح . فردت متوترة :
_ سأدفع ثمن المكالمة طبعا .. كنت بحاجة إلى .. الاتصال بأمي كي .. تعرف اننى وصلت سالمة .
لم تكن تعترف لأحد خصوصا لرب عمل , ان لها ولدين صغيرين ليس لأنها تخجل من هذا , بكل تأكيد بل ذلك لانها تعلمت بالخبرة ان هناك بقية من تحامل مجحف ضد إلام العاملة والناس غالبا ما يرفضون استخدام من هي في هذا الوضع لأنهم يعتقدون أنها لن تكون كفيه وهكذا كنت تستخدم اسمين مستعارين لولديها حين تعمل .
تقدم دانيال إلى داخل الغرفة , وسال ببساطة :
_ ومن هما تويلدوم وتويلدى ؟ لقد ظهرت شديدة القلق عليهما !
أخذت تتطلع حولها طلبا للإلهام , ثم لفت نظرها الكلبان الضخمان
اللذان لحقا بدانيال إلى الغرفة , ألمها جدا أن يكون اللورد قد استرق السمع الى تفاصيل المكالمة التى اجرتها مع امها , فتوجهت قائلة :
_ للجميع الحق فى حيازة حيوانات مدللة .. أليس كذلك ؟ على اى حال , لديك بيوولف وبيونى .
_ إنهما ليسا لي , ورثتهما مع القصر ولدى انطباع انك لا تحبين الكلاب كثيرا , وأنهما أخافاك . بكل تاكيد اثرت ضجيجا كبيرا حين قابلتبهما اول مرة :
_ هذا لانهما ضخمان جدا .
_ اذن ماهما تويلدوم وتويلدى ؟ أهما كلبان صغيران يجلسان في حجرك ؟
_ بكل تأكيد هما جديران بالدلال , وما زالا صغيرين جدا . إنهما بحاجة إلى الكثير من الرعاية والاهتمام .. ولهذا تهتم بهما امى .
ثم تابع حديثة , وقد بدت معالم السخرية لا الشك فى عينة :
_ وهل تنوين الاتصال يوميا لتسالي عنهما ؟
- بالطبع لا .. ولكننى سأقدر لك أن تسمح لى باستخدام الهاتف بين الحين واخر . فعدا عن اى شئ اخر , انا مضطرة الى السؤال عن سير العمل فى الوكالة , والى التاكد من عدم وجود مشاكل رئيسية . وكما قلت , سادفع بدل المكالمات . وان كنت لا توافق على هذا , اخبرنى اين اجد هاتفا عموميا قريبا استطيع استخدامة لهذا الغرض ؟.
هز دانيال كتفيه بسرعة , وكانة سئم فجاة من الحديث :
_ استخدمي الهاتف كما تشائين .. ولا تقلقي حول الدفع .. انا مدين بالكثير من المال حتى الان , وبضع جنيهات اضافية لا تهم .
- انت مدين ؟ اه اسفة هذا سؤال شخصي .
_ اجل انه كذلك . لكن الأمر لأيهم .. فلو فكر احد بامورى جيدا , لأدرك سريعا ان مركزى المالى لا يمكن ان يكون سويا . اتعرفين كم هى كلفة ادارة مكان كهذا ؟
_ لا .. من نظرتى الاولية الى بعض الفواتير والإيصالات على
الطاولة وجدتها ضخمة لا تصدق .
_ هذه الفواتير ما هى الا راس الجليد .. وعدا عن هذا لدى .. مشاكل أخرى.
_ مثل ماذا ؟
اطرق لحظة فظننته سيوافيها بالحقيقة , ولكنة استدار عنها , وبدا يحك رأس احد الكلبين بعنف ويقول :
_ هذا أمر لا يعنيك : ولن تبقى هنا مدة تكفى لتتورطي بأى شئ منها ولكن اوفيليا لم تكن تصغي البة تماما .. بل كانت تراقب بذهول اصابعة وهى تتحرك فوق فروة الكلب الرمادية .. والكلب يبدو سعيدا .. واضح ان هذا اهتمام نادر الحدوث . ولدهشتها , واضطرابها , وجدت نفسها تتساءل عن شعور من يتلقى هذه الدعابات البسيطة , الجالية للسعادة . ثم أخذت تخاطب نفسها.. لاتكونى سخيفة ! .. لا فائدة من الولوج الى مثل هذا النوع من احلام اليقظة , لقد اتيت الى هنا مصممة على ان تكونى عملية وكفية و هذا بالضبط ما يجب ان تعيريه كل اهتمامك , ثم أشارت الى الملفات أمامها وهى تسال :
_ بماذا تريدنى ان ابدا اولا ؟ هناك الكثير من الرسائل المتأخرة .. مع اننى بحاجة الى مساعدتك فى الاجابة على معظمها .. وهناك حسابات عديدة ليست مكتملة ..
_ انت فعلا فتاة قديمة الطراز , والا لكنت اقل ادبا . لقد قلت لى ببساطة انها فى فوضى تشابه فوضى الجحيم .
_ حسنا .. صحيح .. انها كذلك .
_ غونيث بارسونز , المراة التى تعملين بدلا منها ألان سيدة فاتنة . وسكرتيرة كفة بطرق كثيرة .. ولكن لسوء الحظ , الحسابات تبدو دائما لغزا مغلقا لها , ولم استطع أن اجعلها , وآخرين معها , تفهم ان النتائج ستكون وخيمة جدا , اذا لم توازن المدخول مع المصروف .
_ اذن سأهتم بالحسابات أولا فى الصباح .
_ جيد .. هل انتى جائعة ؟
_ أتضور جوعا .
_ ماكومبر سيأتيك بالطعام بعد دقائق .
أحست اوفيليا بخيبة أمل .. فهى لا تحب أن تأكل وحدها : وكانت تأمل أن ينضم اليها دانيال فى وجبة المساء .. لكن هذا أمل جرئ منها .. فسيد العزيمة , اللورد لا يتنازل ليأكل مع خدمه الوضيعى القدر !
وتابع دانيال يقول :
_ على فكرة .. أنتظر مكالمة هامة هذا المساء , وأود أن تبقى هنا بانتظارها . حين تأتى , اخبري ماكومبر .. وسيخبرني بدوره.
رفعت نظرها إلية وإجراء عبوس خفيف تحوم على وجهها .. لقد أرهقت نفسها بالعمل بعد الظهر , وهذا أول يوم لها هنا . وكانت تخطط لتفزع حقائبها بعد الظهر , ثم تستريح طويلا وهى تغرق جسدها في حمام ساخن ..
واضح انه لاحظ تغير ملامح وجهها , فقد تحول وجهة إلى برود مفاجئ , وقال يذكرها :
_ حين اتصلت بوكالتك , قلت لك اننى بحاجة إلى من يكون حاضرا للعمل أربعا وعشرون ساعة في اليوم . في الواقع كل الموظفين الدائمين هنا يعملون على هذا الأساس .. فهذا ليس كمكتب عمل عادى , ولا نلتزم بالروتين المألوف لثمانية ساعات في ضبط دوامة .. إننا نعمل في ساعات غريبة ونرتاح متى نستطيع , وعلى فترات غير منتظمة , لهذا اطلب من هو مستعد للسكن هنا .
_ اجل .. افهم هذا . وليس لدى اعتراض على العمل هذا المساء.
_ لن تعملي .. ستنظرين فقط مكالمة هاتفية , وتستطعين فعل ما تشائين واثناء الانتظار , اقراى , طرزى , اجلسى وقلبى اصابعك .... لكن لا تنامى , وتذكرى انك ترغبين فى اعطائى الانطباع الجيد .
اتسعت عيناها بشدة .. لقد سمع من مكالمتها لامها أكثر مما تظن ! وبسرعة , حاولت ان تتذكر ما قالته بالضبط .. ثم استراحت ببطء .. لن يهتم .. ولا يبدو علية الاهتمام . انه فقط يستشهد بكلامها . كل ما يريده
حقا ان تقوم بعملها .. وهي متأكدة أنها ستفعل هذا بدون مشاكل
لقد جاءها ماكومير بالطعام على عربة خاصة , بعد خروج دانيال . ثم غادر المكان فورا , دون اكثر من انحناء أدب .
بعد أن تناولت الطعام , نهضت تتجول في المكتبة وهى تتساءل كم ستنتظر قبل وصول المكالمة . قلبت بعض الكتب دون اهتمام لان معظمها كان يبدو أن عمرة قرونا طويلة , ولم تجرؤ على لمسها خشية أن تتلف نسخا نادرة ثمينة منها فلديها بضع قصص حديثة في حقيبتها , ولكن , ليس لديها فكرة أين تجدها ألان . فما من احد حتى ألان أرشدها إلى موقع غرفة نومها التي ستستخدمها خلال إقامتها في القصر . ولكن , مع وجود خمس وتسعين غرفة , لن تجد مشكلة فئ اختيار مكان ملائم ومريح تنام فيه !
كانت الساعة تقارب التاسعة مساء حين رن جرس الهاتف أخيرا وفور التقاط السماعة , سألها صوت ناعم وخافت عن اللورد كادوغان فطلبت من السائل الانتظار وذهبت تخبر ماكومير .
لم يطل بها الوقت لتجده .. كان يقف في نهاية الممر يتجول حائرا, تقف وراءه تماما امرأة طويلة نحيلة , تبدو مرتبكة مثله . كان واضحا أن هناك ثمة أمرا خطير قد حدث .. فهناك عدة قطع إناء مكسور منتشرة على الأرض , نرجس برى مبكر مبعثر حولها , وبقعة ماء كبيرة تنشر فوق سطح طاولة تبدو ثمينة جدا , وتسيل فوق سجادة نفسية تفوق الطاولة ثمنا . والى جانب كل هذا كان احد الكلبين وافقا , يتفرج على كل هذه الفوضى دون ان يبدو علية الخجل او عقدة الذنب , ولم يكن لدى فيلى فكرة اكان هذا بيوولف ام بيونى لكن , من النظرة إلى وجه ماكومبر , بدا جلبا انه لم يكن يحب الكلاب , ولو ترك الأمر له , لوجد الكلبان نفسيهما فى وجار خاص بهما في الخارج , والمنزل محرم للدخول عليهما .
قالت فيلى مترددة :
_ اه .. عذرا .. هناك مكالمة هاتفية ....
كادت ان تقول هذه المكالمة لدانيال ... ولكن خشيت من ردة فعل
ماكومبر الذي لا يوافق على وجود الكلبين داخل المنزل . فهو بكل تأكيد لن يقبل أن يلفظ اسم سيد غير مقرون بلقبه الرسمى وأكملت:
- مكالمة هاتفية لللورد كادوغان . أتعلم أين أجده ؟
وقع ماكومير راسة يبدو علية الضيق , واشار الى نهاية الممر :
- انه هناك . اصعدي هذه السلالم , ثم اقرعي ثاني باب يقع إلى يمينك .
استدارت فيلى متجهة إلى حيث أشار . لقد قال دانيال لها , ان ترسل ماكومير ليستدعيه , ولكن ماكومير عنده مشاكل ضاغطة يتعامل معها ألان وبدا واضحا أن احد الأمور التي تكدر مزاج الرجل الهادئ الوقور , وهو إتلاف اى شئ ثمين في القصر
وجدت نفسها , بعد صعود السلم , في رواق طويل , يبدو انه يمتد تقريبا حول محيط البيت كله . كانت اللوحات معلقة فوق جدار واحد بينما تحتل النوافذ الطويلة الجانب الأخر من الرواق , وتشرف على منظر رائع الجمال من الحدائق التى تلتمع تحت ضوء النهار . ولكن , لم يكن لديها وقت للوقوف وابداء الإعجاب بشئ . قرعت الباب التالي بخشونة فخرج دانيال فورا وسألها باختصار :
- مكالمتى ؟
وما ان أنهت اوفيليا هز رأسها بالإيجاب حتى كان قد انطلق , يسير بسرعة عبر الرواق . فتمتمت لنفسها "لابد انها مكالمة مهمة ". أوشكت ان تلحق بة : حين لاحظت انه ترك الباب نصف مفتوح .. وبخجل شديد للطريقة التي تتطفل بها و وما تحس من فضول , أدخلت رأسها تنظر خلف الباب
ارتفع حاجباها بالذهول : الغرفة كانت واسعة رحبة , لها نوافذ طويلة على احد جوانبها , وهى خالية تقريبا من اى أثاث . ولم يكن هذا عجيبا ..فالغرفة تبدو كمشغل رسم فني .. قماش الرسم كان يستند إلى جدارين وهناك حمالة رسم قرب النافذة و طاولة طويلة , مغطاة بالفراشى , وأنابيب التلوين , ورقع قماش ملونة بمختلف الألوان
وقوارير زجاجية مليئة بسوائل مختلفة
نظرت اوفيليا حولها بسخط , تمتمت :
_ اذن هكذا يقضى دانيال ثورب وقتة .. لو انه يتوقف عن اللعب بعلب التلوين ويهتم أكثر بادارة أملاكه .. لما كانت احواله المادية فى مثل هذه الفوضى.
أزعجها تركة لها تجلس ساعات في المكتبة , تنتظر مكالمة هاتفية له , كى يكون له الوقت الكافي ليمضيه فى هوايته , ثم عادت تهبط السلم متصلبة لكنها فى أخر لحظة تذكرت أن إطلاق جموح أعصابها ليس بالفكرة الجيدة .. فقد يكون دانيال ثورب رجلا يثير الإضطراب بطرق عديدة , ولكنة من الأهمية بحيث لا يجب ابدا ان تفعل شئ يزعجه .
ما أن عادت لتدخل المكتبة حتى كان دانيال يعيد لتوه السماعة إلى مكانها وهو يستدير ليواجهها و وعندما لمحته لاحظت انه يبدو راضيا وكأنما المكالمة جاءت بإخبار سارة , ولكنها شخصيا لا تأبه لهذا الأمر فكل ما تريده ألان وهو الاستغراق فى نوم هادئ
فسألته بأدب :
- أتظن أن أحدا يمكنه أن يدلني على غرفتي ؟ هذا إذا لم تكن تحتاج إلى أن افعل لك شيئا بعد الليلة ؟
عيناه السودان لمعتا بسخرية وقال :
- ماذا يحدث لو قلت اننى أريدك للعمل بضع ساعات أخرى انسة اوفيليا ليندن ؟
ردت متصلبة :
- سافعل , أنت رب عملي , ولك الحق فى ان تطلب منى فعل ما تريد .
تمتم دانيال ثورب , بطريقة ما تمكن أن يضع معانى وفيرة فيما يقول:
- كم انت فتاة مطيعة !
استدارت فيلى عنه قليلا خشية من ان يرى بقع الغضب الحمراء على
خديها .. وسألت بسخط :
- اتريدنى ان اعمل المزيد الليلة ؟
لراحتها قال :
-لا ... لا أظن هذا .. ربما يجب ان اسمح لك بأن تاخذى قسطا من " النوم الحسن " مع انك لا تحتاجين إليه .. فمن الصعب ان يزيد شيئا على حسنك .
ملاحظته الفجائية اجفلتها ... ماذا يعنى بحق السماء ؟ صحيح انها ليست بشعة ولكنها لم تعتبرا وجهها يوما مميزا لها عينيان بنيتان كبيبرتان وانف انيق وفم عادى , كل هذا يحيط بة اطار من الشعر الماهوغونى الاحمر البنى , المسترسل بعناد وباستقامة ولمعان حتى كتفها .
نظرت اليه بقلق , لكنة كان يتحرك نحو الباب , وكانه نسى كل شئ مما قاله . ثم التفت إليها , ورفع حاجبيه متسائلا :
- ظنتك ترغبين فى ان يدلك احد على غرفتك ؟
تمتمت , وهى تتمنى أن لا تكون له القدرة على إثارة ارتباكها
- اه .. اجل ..
خارج الباب , كان الكلبان ينتظرانه بصبر , ولحقا به بهدوء , لحقت بهم اوفيليا , الثالثة في الترتيب ... سيد المنزل وإتباعه المخلصين !
قادها دانيال إلى سلم عريض و ثم إلى ممر بدا لها انه يصل الى الجهة الخلفية من القصر , واخبرا توقف ليقول لها :
- تدبرت أمر إرسال حقائبك إلى هنا الليلة .. فإذا لم تحسي بالارتياح , قولى هذا للسيدة ماكومير فى الصباح . هناك بضع عشرات اخرى من غرف النوم بإمكانك اختيار واحدة من بينها , اذا رغبت فى تغير غرفتك .
-السيدة ماكومير ؟ هل هي امرأة طويلة نحيلة ؟
-اجل , انها زوجة ماكومير . طبعا . وهى الطاهية كذلك . وعموما , المسؤولة عن كل الموظفين فى المنزل .
- شاهدتها قبل قليل .. هنك ..حسنا .. حادث بسيط حصل لإناء
إزهار .. كانت تساعد ماكومبير فى التنظيف .
استدار دانيال على الفور عابسا وصرخ بالكلبين :
- من منكما المسؤول ؟
حدق اليه الكلبان , فميهما مفتوحان وكأنهما يبتسمان ببراءة وذيلاهما يتحركان بسعادة مسروران بحصولهما على اهتمامه .. تمتم غاضبا :
- كلبان لعينان غبيان .. ماكومير يقود حملة منظمة جدا لإخراجهما من المنزل وهما مستمران فى توفير الذرائع له . اقسم انهما يفعلان هذا عمدا , انهما يلهوان بسعادة لمعرفة كم يستطيعان الاندفاع فى حظهما .
نظر دانيال الى الكلبين بعبوس شديد , ثم ادار لهما ظهره وفتح الباب إمامة قائلا :
- هذه غرفتك .. الحمام على بعد بابين إلى اليسار . أراك في الصباح .
ابتعد دانيال والكلبان يلحقان به , وكأنهما شبحان أسودان ضخمان وتركوا اوفيليا تدخل إلى غرفتها , في الداخل اتسعت عيناها بفرحة وتمنت لتقسها :
- كم هى جميلة ومثيرة هذه الغرفة !
وهكذا كانت .. الفراش من الطراز الحقيقي للقوائم الأربع , تحيط به ستارة مزخرفة وجوانب من المخمل . فيها كرسيان بمقعدين من المخمل , وسنادة اقدام مماثلة.. ومقعد نافذة تتكوم فوقه الوسائد الناعمة المريحة المنظر والى جانب على الجدار الأبعد , خزانة ثياب ضخمة , خزانة ادراج ثقيلة , والسجاد السميك يغطى معظم الأرض المكسوة بالخشب المصقول
بسرعة أفرغت اوفيليا حقيبتها .. الأشياء القليلة التي جاءت بها معها . ضاعت تماما في الخزانة الضخمة .. ثم تسللت نحو الحمام بعد ان اندست فى الروب الخاص , لتحس بالراحة وهى ترى ان كل التمديدات فيه عصرية , على الرغم من الأشياء الأثرية في كادوغان هال .

السيد النبيل Where stories live. Discover now