7_ لمساتــ تعيد الماضى

11.9K 422 8
                                    

استيقظت فيلي في الصباح التالي أملة أن يكون كل شيء قد عاد إلى طبيعته .لكن هذا لم يحدث .... بعض الأحاسيس التي تسارعت داخلها ليل أمس ,يبدو أنها مازالت موجودة , وعلى الرغم من محاولة تجاهلها ,فإنها لم تستطع التخلص منها ...فقد كانت تحس باضطراب , من جراء إحساسها بان حياتها تنقسم إلى نصفين : نصف ملك لمنزل أمها التي تعتني بتوأمها ,والنصف الأخر يعترف بهذا المكان كمنزل لها .. كادوغان هال ..المنزل الذي لا يمت إليها بصلة ,حيث ستبقى فقط بضعة أسابيع ...وهذا غير معقول .

استحمت بماء فاتر ,لمدة طويلة ,لملة ان ينزاح هذا الكابوس من راسها .. وحين اتجهت أخيرا إلى الأسفل نحو المكتبة,ثم تناولت الطعام الذي جاءها به ماكومبر على صينيته المعهودة .
أمضت اوليفيا فترة ما بعد الظهر وهي ترتب دفاتر الحسابات وتسجل فيها أخر المستجدات لتكون بشكل يومي ,ثم جلست تنظر إلى كومة الفواتير تنتظرها . على الرغم من تأجير قاعات القصر للحفلات الخاصة والمآدب كان يأتي بدخل ثابت , لكنه لم يكن يساهم في تغطية العجز كثيرا . ولا عجب أن يكون دانيال مصمما هكذا على المضي في مشروعه لإقامة ملاعب الغولف ,والمركز الرياضي ...بكل تأكيد انه يحتاج إلى شيء حاسم لإخراج الأملاك من الخط الأحمر .
استرسلت اوليفيا بعمق في أفكارها .تفكر بالمشاكل المالية التي يواجهها دانيال ثورب , لم تسمعه يدخل الغرفة بهدوء ,ولم تنتبه إلى وجوده إلا بعد دخول الكلبين خلفه , ومخالبهما تطقطق فوق الخشب اللماع ...فرفعت نظرها .
لحظة شاهدته ,أحست بالاحمرار يغزو وجهها ..اللعنة !لن اتركه يؤثر في هكذا . لست ادري ما الذي يفعله بي ... لكن يجب أن يتوقف !

قال لها بقليل من المرح :
-تظهرين حمراء مشرقة ,وتظهرين كذلك كأنك تودين قذفي بشيء ما ... هل فعلت شيئا أزعجك ؟
فتمتمت اوليفيا ساخطة :
-تعرف تماما ماذا فعلت .
جلس دانيال بارتياح إلى الكرسي , وتقدم احد الكلبين يريح رأسه بألفة فوق ركبته , فحولت اوليفيا نظرها إلى الكلب ...لماذا لا يراه هذا الحيوان الأحمق علة حقيقته ؟. لو أن لديه ذرة عقل في رأسه الأجوف , لكان ألان يعض قدم صاحبه !
-هل هذا المزاج السيئ هو بسبب ليلة أمس ؟ ذلك العناق البسيط ؟
ارتفع حاجباها ...ما تذكره أن الأمر كان أكثر من عناق بسيط وبدأت بشرتها تحترق وهي تفكر , فسارعت إلى دفع الذكريات المزعجة بعيدا عن تفكيرها ,تريد أن تكون باردة وتسيطر على أعصابها بعد ظهر اليوم .ولن تتمكن من هذا إلا إذا نسيت كل شيء عن لمساته القاسية والحلوة على رغم من كل ما جرى .قالت بارتياح لثبات صوتها :
-لقد جئت إلى هنا للعمل ...وأي شيء أخر ليس ضمن العقد
-أتظنين أن علينا الالتزام أكثر بعقدنا المبرم ؟
ردت بحزم:
-اجل .
-يبدو لي هذا أمرا منطقيا .

-نظرت إليه بريبة ..كان لها إحساس غير مريح بأنه يتلاعب بها .و كان في داخله يضحك على ارتباكها , ويتمتع بالقلق الذي يجتاحها كلما مر بها وقالت له:
-إذا لم تتحسن الأمور بيننا ...فقد اضطر إلى .. إنهاء العقد ة.
-وتتحملين النتائج ؟
-اجل ... لست ادري لماذا أنت مصمم على استباقي هنا .
-استقرت عيناه عليها بثبات مقصود , مما دفعتها إلى الارتجاف .
-ألا تعرفين فيلي ؟
-ردت له نظرته متوترة .
-ما الذي تريده مني ؟
-كل شيء استطيع الحصول عليه ... هناك أشياء كثيرة في هذه الحياة استطيع الحصول عليها ... حين أجد شيئا استطيع الحصول عليه , شيئا أريده كثيرا ,استمر في الجري خلفه إلى أن امتلكه .
-كلامه الهادئ هزها حتى أخمص قدميها ,فقالت بحرارة :
-هذا تصرف خسيس ! انه يعني انك دائما تضع مل تريده في المقدمة , انك لا تهتم أبدا بحاجات الآخرين ومشاعرهم .
-لكني لا أؤمن بإجبار احد على فعل شيء ضد إرادته .جعلتك توقعين العقد القانوني , والذي يفرض عليك عقوبات محددة لو تركتني قبل انتهاء عملك ... ولا أظن أن في هذا شيئا غير عادل .. أما بالنسبة إلى الأشياء الأخرى التي تحدث بيننا ... فالعقد لا يغطيها فيلي .. وليس هناك وثيقة رسمية في العالم تجبرك على لمسي , أو عناقي ... كنت حرة دائما في ان تهربي ... لو أردت هذا .
-كالمتنه , تأرجحت ثقيلة في الهواء , وكرهت مضامينها بصمت . جعل الأمر يبدو وكأنها هي التي تلاحقه .. والأمر لم يكن هكذا إطلاقا !
-تلك الليلة ...بعد... المأدبة ...لحقت بي إلى غرفتي , والى سريري ...لكن بكل تأكيد لم يكن هذا بدعوة مني .
-لكنك تجاوبت .... وحين أردتني أن أتوقف . فعلت ... ولو أن هذا أخر شيء في الدنيا أود أن افعله ... إذن , لا تتهمني إطلاقا بإجبارك على أن تفعلي شيئا ضد إرادتك فيلي .. قد أكون لجاءت إلى وسائل إقناع لطيفة لكنني لم أتمادى أكثر.
قشعريرة داخلية سريعة هزتها مجددا , وهي تتذكر أشكال تلك "الوسائل الاقناعية اللطيفة " ,ثم جذبت نفسها متماسكة بقسوة .لن تترك هذا الرجل يسيطر عليها بكلماته الذكية ..ويديه البارعتين .ولا يوجد شيء تخاف منه فيما لو بقيت هادئة , وتمسكت بسيطرتها على نفسها .

السيد النبيل حيث تعيش القصص. اكتشف الآن