مهلا يا صاح!

563 49 35
                                    


مساء الخير ورود ربيعنا العربي!

قبل عدة أشهر، وفي شهر رمضان الماضي تحديدا، أطلقنا تحدي سلام، كان هدف التحدي حث الكتاب على كتابة روايات ذات طابع إسلامي.

على عكس المسابقات، التحديات عادة لا يكون لها فائزون إنما مشاركون مبدعون قد قبلوا التحدي وانطلقوا يثرون أرض الواتباد الشاسعة ببذور الكتابة الطيبة.

كل المحاولات التي صدرت من خلال هذه الفعالية كانت طيبة، يمكنكم العثور عليها في لائحتنا "تحدي سلام"، غير أننا أحببنا اختيار واحدة منها، قد لاقت إعجاب فريق الربيع العربي، رواية مهلا يا صاح! لكاتبتها الراقية Doht_Aml .

في البداية نود القول أننا فخورون جدا بهذه المبادرة التي سمحت لهكذا كتابة أنيقة بالبزوغ في عالمنا البرتقالي، ونعتقد وبشدة أن الكاتبة تستحق كل ما ستلاقيه من تقدير وتكريم لما خطته أناملها في هذه الرائعة.

نترككم مع مراجعة رواية "مهلا يا صاح!" من إنجاز فريق النقد: CriticsTeam

حين كنّا نجوب عالمنا الصغير، متقوقعين داخل رحمٍ عاشه أغلبنا وحيدًا، لم نكن لنتخيل الصخب الموجود في الخارج... الحياة التي تنتظرنا، والتي عادةً ما يُطلب منا أن نعيشها وفق نهج وصراط مستقيم.

الأصوات... الأشكال... كمّ الأفكار الموجودة! وكمّ الاعتماد على الذات الذي تتغنى به أغلبها! متناسين أو نحاول تناسي كمّ التناقض الذي تقتات عليه، والذي لولاه لما كتب أحد شيئًا ولما قرأ آخر.

الأوقات السعيدة تمضي بسرعة بينما تسير البائسة سير السلحفاة العرجاء، ولو تمّت ترجمتها لشكل آخر لقيل "تسير الأوقات بسرعة مع الآخرين، بينما التي تقضيها وحيدًا تسير كبيت سلحفاة... بدون سلحفاة!"

وعلى أصابع يديك وقدميك مضاعفة لرقم مئوي التعداد، ستحسب كم مرة قيل لك أن نفسك هي الشخص الوحيد الذي لن يتخلى عنك، بينما الحقيقة أنها أول من يفعل... ولأجل عيني إبليس اللاهبتين، ستنساك وتنسى نفسها متخلية عن كل مبادئ وقيمٍ سبق وسمعت بها.

يوسف وخليل، أو كما سيخطر للقارئ يوسف وخليله هما المحور الدافئ الذي تدور حوله الرواية وندور معها.

تبدأ الفكرة بلقاء جمع قطبين تنافرا لخمس سنوات، أحدهما كان الأزرق السعيد بهذا اللقاء، والآخر تمكن منه احمرار الضيق لسبب ما... سبب حاول يوسف بقوّة أن يعرف ما يسكن سراديبه بل وما خلقها!

الصديقان كانا في غاية الالتزام الديني، لكن يبدو أن شيئًا قد تغيّر في قلب خليل!

يوصل العناد لحالات من العزلة مخلفًا فجوة تعترف لنفسك بحجمها غير القابل للردم، لكنك ستذكر أنك لست وحيدًا وبالإمكان النجاح... ألا والسؤال، هل النجاح حليف الراغب به دومًا؟ أكُلّ الطرق فيها خط رجعة عند نقطة ما؟ بعض الزلات توصلك عميقًا جدًا حيث لا نجاة. مستويات هي، ويبدو أن أحدهم مستمر بالتقدم لتجربتها جميعها.

لقد تمثل قالب المثالية بيوسف، الشخصية المستقيمة التي يعطي ظهورها شعورًا دافئًا في قلب القارئ، باحثًا بين طيّات الأسطر عن خطوة تالية يقوم بها واصلًا لعتمة صديقه الغريبة. وستحتاج لشخصية كهذه حتى توصل مبدأ الخطأ ومدى عمقه.

بينما خليل كان الشخصية التي انحرفت مسببةً الأرق لقلوب من حولها، خطيئة تجرّ خطيئة، ورؤية أثر ذلك على الناس المحيطين به سلبًا كان أو إيجابًا حسب مكانته لديهم. وخطأ بعد عميق إيمان، يعني عقابًا أشد فلن يتساوى عالم وجاهل بالمعصية حين ارتكابها. أكل هذا خفي عن عيني خليل وروحه؟ هو يمثلنا وأن ترى نفسك بين السطور تبحث عن جديد ما سيحصل، عن التطورات وعن العمق الذي سيهوي به... مماثل لهاويتك أم أنك في مكان أعمق؟

امتلكت الرواية فكرة جيدة، نابعة من حروف بعض الكلمات ذات الأثر الروحي... الإيمان، الصديق، الإرادة، ونقطة لا تعود الأمور بعدها كما كانت أبدًا.

الشخصيات كانت واضحة المعالم، ولا شيء حتمي أو أحادي الوجهة فكما تحوي كلمة "إنسان" على ألفين ونونين، بينهما تقبع سين السراب وسهولة الانجراف، كانت هذه ازدواجية تشرح صفاتنا نقية الأصل، هجينة التعايش.

فحين تظن أن أحد الأطراف معلوم الصفات والهدف كما معلومٌ دوره في الرواية، تتغير بعض المسارات عليك لتنتقل عندها نحو طريق آخر.

وبعض التساؤلات تخطر وتتزايد داخلك، لماذا صار خليل هكذا؟ ماذا سيحصل بعدها؟ هل هناك صديق سوء يجرك للتهلكة أم تصبح له أنت الصديق الذي ينقذه؟ وماذا لو قررتما تبادل الأدوار؟ كخليط تمتزج فيه الألوان لتعطيك كل مرّة لونًا قد يعجبك أكثر من سابقه.

وأخيرًا تتساءل، هل سيتمكن من اجتذابه عائدًا لحضن الإله؟

ما قد يُقال أنه عيب الرواية الأساس هو ضعف الحبكة، تلك الأسباب التي تؤدي للصراعات، ما كان يفترض أن تفعل في الحقيقة... ليست مقنعة أو عادلة بحق الشخصيات. يقف المنطق مكتف اليدين وهو يرى ما لا يستطيع إبداء رأي محدد تجاهه، هو يعجبه ويعترف بذلك، لكن كيف سيقتنع ببنية قامت بمحو أثره؟ حيث تراكبت الأحداث وتقاطعت بشكل أبسط من أن يشكل عقدة، وأغرب من أن يوازي منطقًا، كما وأضعف من أن يؤدي دور حبكة روائية استحقت اسمها من شيء محبوك محاكٍ بإتقان، يحتاج فكّه وحلّه لصفحات متعددة.

ستوقع عقدًا عند قراءة العنوان... مهلًا يا صاح! سوف تضمن أنك لن تخرج من هنا دون أن تحصل على متعة وفائدة، وكمّ من المشاعر المتنوعة. شيء سترى أن هناك الكثير مما يفوقه جودة، لكن القليل مما يزيدك على الزاد زادًا نافعًا كمثل هذه. وعندما نغلق كل فصل، يتضخم فينا الشعور بالله وبأجوائه وبأنفاسه كأنها تلتحم فينا نحن القراء قبل أن تطأ خليل حتى.


ختاما، نشكر جميع المشاركين معنا والمتابعين الدائمين لنا والمحبين الأوفياء لكل ما نحاول صنعه في سبيل إسعادكم وإرضائكم، كما ندعوكم لقراءة الرواية المختارة ومشاركتنا الآراء والأفكار ❤.

ليلة دافئة لكم جميعا.

تحدي «سلام»Where stories live. Discover now