التشكيل والشدة

193 25 20
                                    

فتحت هاتفها وسارعت بالتوجه نحو أحد تطبيقات الدردشة، اختارت محادثتها مع صديقتها، وسرعان ما تحركت أناملها لتكتب
- سمعتِ بما حصل؟
- لا، لم أسمع، أخبريني ما الجديد؟
- ضرب عمر أحمد.
- يا إلهي! أحمد المسكين! كل من هب ودب يضربه
- كلا! الضارب هو أحمد، والمضروب عمر.

وتستمر المحادثة بين الصديقتين، لكن ما يعنينا ليس ما تحمله المحادثة من أخبار، أو أن الصديقتين تغتابان شخصًا ما، أو كيف وصلت تلك المحادثة لنا بالطبع، أعرفكم، تتركون المهم وتنشغلون بالتفاصيل ¬_¬
اهتمامنا منصب نحو اللبس الذي حصل، حينما خلطت إحدى الصديقتان بين الضارب والمضروب، أكان الخطأ استعجالًا منها؟ أم أنه أسلوب كتابة صديقتها؟
بعد قليل من التمعن في الجملة سنجد أن القائلة أغفلت تفصيلًا مهمًا، أغفلت التشكيل في حديثها، وفي ذلك الموضع كان لا بد من ضبط آخر الاسمين، لمنع حدوث لبس بين الفاعل والمفعول فتكون:
«ضرب عمرَ أحمدُ»

ما زلتم غير مقتنعين بأهمية التشكيل؟ دعونا نطلع على محادثة أخرى إذن، ومرة أخرى لا تشغلوا أنفسكم بالمصادر :)
- منى! احزري من فاز بلعبة القتالات اليوم؟
- أنتِ والألعاب الصبيانية! من فاز؟
- الفتاة التي قاتلتها كانت ضعيفة بسبب عدة قتالات سابقة؛ فتمكنت من الفوز بسهولة
- كيف تمكنت من الفوز وهي ضعيفة؟
- أنا التي تمكنت من الفوز، لا هي
- معذرة لم أفهمك

مرة أخرى أسألكم ما سبب اللبس هنا؟
لو أن القائلة استعملت التشكيل وكتبت «فتمكنتُ من الفوز» لَما أخطأت صديقتها الفهم.

لا يؤثر التشكيل على فهم الكلمات فحسب، بل يؤدي تجاهله لأخطاء لغوية كثيرة، على سبيل المثال يؤثر إهمال الشدة « ّ» على الكتابة الصحيحة لهمزتي القطع والوصل؛ فالشدة بوجودها تعوض حرفًا له قدره، وكمثال آخر، لدينا الفعل «أدَّى»، إن أُهملت الشدة بدا الفعل ثلاثيًا، في حين أنه رباعيّ. أو عند كتابة فعل مبني للمجهول، نشكل الضمة على الأقل.

شَعَرْتُم بِأَهَمِّيَّةِ التَّشْكِيلِ الآنَ؟ لَكِنْ لَا تَنْسَوْا! إِنْ زَادَ الشَّيْءُ عَنْ حَدِّهِ اِنْقَلَبَ ِضِدَّهِ، وَهَذِهِ الفَقْرَةُ اللَّطِيفَةُ دَلِيلٌ عَلَى كَلَامِي :)
فاستعمال التشكيل بكثرة دون الحاجة له يكون مشوشًا للعين أحيانًا - إلا إن كان لأغراض تعليمية؛ كتعليم الأطفال وغير الناطقين باللغة العربية- ويجب كتابتها عند حصول التباس في الجملة (كما ذكرنا سابقًا في تحديد الضمائر ومواقع الكلمات) وكذلك تمييز الكلمات المتشابه

ننتقل لشكل آخر من أشكال الزيادة عن الحد، وهو تعويض التشكيل بالحروف، وكمثال على ذلك كتابة «إيطار، منذو» والصحيح «إِطار، منذُ»؛ فالتشكيل حركات قصيرة لا طويلة.

كي أختتم الفصل، سأطلب منكم ضبط الفقرة الآتية وإضافة الحركات اللازمة في موضعها الصحيح، وحذف تلك التي لا حاجة لها، مع إصلاح الحركات الخطأ.

«نَقًشَتِ بَدُفَْتّرَهِا كِلُمَاتَ عَانِتَ بُكِتَابِتَها فِكَلُمَا كَـتَبَت كَلِمة مَحُـت دِمُوعَها الّكلُمات
كانت بالّفعل مِـحِقة فِيـ اِعتَقَادَها الذيـ وَلَدَت لتنشرهـ بيَّن الّناسُ
فالّدموع تـَمِحو اﻷُمِلٍ وًالاَبِتِســِامَات كِمَا كاِنَت تِمـُحُو كلمات رَسُالِتِها
الّدموعْ تـِحَطم الرِغًّبَات وُالّغاياتٍ
ولا فِائٌدَة تِرجَّى مَنِها سَوىّ كِوُّنها مِاء تِرَوُى بهـ شِجُرَة الّيَأَسَ»

كانت معكم الفارسة سنا ✨
كل الحب لكم ❤

وصايا الفرسانWhere stories live. Discover now