صيغ التعجب.

286 20 13
                                    

السلام عليكم والرحمة من فرسانكم الشجعان إلى كل مدافعٍ يحمي لغته بكل ما أوتيَ من قوة.

نأمل أنكم كنتم بصحةٍ جيدة خلال الفترة الماضية، ونسعد كثيرًا بوجودكم معنا هنا على الدوام، لنواصل الرحلة معًا نحو لغةٍ أفضل.

نتحدثُ اليوم عن أسلوبٍ مهمٍ ساعدنا في التعبير عن إعجابنا الشديد تجاه أشياء عديدة.

وبداية فأسلوب التعجب هو: أسلوب يلجأ إليه المتكلم للتعبير عن دهشته واستعظامه لصفة في شيء ما.
 
أمثلة على أسلوب التعجب:

- ما أشجعَ الفرسان، وأكرِم بأخلاقهم!
- ما أجمل وتين!
- ما أعظم لغتنا!

وللتعجب صيغتان شهيرتان وهما:

١- ما أفعلَ.

تتكون هذه الصيغة من أمور ثلاثة هي: ما + فعل التعجب + المُتَعَجَّب منه.

٢- أفْعِلْ به.

تتكون هذه الصيغة أيضًا من أمور ثلاثة هي: فعل التعجب + الباء + المُتَعَجَّب منه.

وبعد أن عرفنا أُسُسَ التعجب لابد لنا أن نذكر الشروط التي يجب أن تتوافر في الفعل لكي يُصَاغ كأسلوب تعجب من الأساس، ولهذا وَجَبَ على الشروط التالية أن تتوفر فيه:

١- أن يصاغ فعل التعجب من الماضي، مثل: ما أحسنَ القراءة! (صيغ فعل التعجب من الفعل الماضي حسن).

٢- يصاغ فعل التعجب من الفعل الثلاثي، مثل: ما أجملَ الصدق! (صيغ فعل التعجب من الفعل الثلاثي جملَ).

٣- يصاغ فعل التعجب من الفعل المتصرف، مثل: أعظِمْ بالأبطال! وما أقبحَ البخل!

صيغ فعلا التعجب (أعظم، وأقبح) من فعلين متصرفين هما: عَظُمَ، وقَبَحَ.

٤- يصاغ فعل التعجب من الفعل القابل للتفاوت والتفاضل، مثل: ما أشجع جنودنا! وما أسرعَ الفهد!

صيغ فعلا التعجب (أشجع، وأسرع) من الفعلين: شَجُعَ، وسَرُعَ، وهما قابلان للتفاوت إذ نستطيع القول أن القوي أشجع من الضعيف، أو أن الفهد أسرع من الأسد.

٥- يصاغ فعل التعجب من الفعل المبني للمعلوم، مثل: ما ألطف الأطفال! أو ألطِف بالأطفال!

صيغ فعلا التعجب (ألطَفَ، وألْطِفْ) من الفعل: لَطَفَ، ولا يجوز صياغتهما من الفعل المبني للمجهول (لُطِفَ).

٦- يصاغ فعل التعجب من الفعل التام، مثل: ما أنظف البيت! (صيغ من الفعل التام نَظُفَ).

٧- ألّا تكون الصفة منه على وزن (أفعل) الذي مؤنثه (فعلاء)، مثل: ما أفضل المسجد! ما أتفه الرجل المتهاون!

لكن لا يجوز أن تقول: ما أحمر الورد، أو ما أخضر العشب.

٨- يصاغ فعل التعجب من الفعل المثبت، مثل: ما أطهَر المؤمن!

صيغ فعل التعجب (أطهر) من الفعل المثبت (طَهُرَ)، ولا يجوز أن يصاغ فعل التعجب من الفعل المنفي.

وبعد أن عرفنا هذه الشروط فقد لاحظنا أن هناك بعض الأفعال والأحوال التي لا تنطبق عليها تلك الشروط، لكن لغتنا تحتضن كل هذه الحالات بشيءٍ من الحب حتى نطلق العنان لقدراتنا على التعجب من عالمنا الغريب.

والآن كيف نتعجب من فعل لم يستوفِ الشروط السابقة؟

١- إذا كان الفعل المتعجب منه فوق الثلاثي أتينا بفعل آخر يستوفي الشروط، مثل: أشد، أعظم، أكثر...ثم نأتي بمصدر هذا الفعل منصوبًا بعد فعل التعجب.

فلو أردنا مثلا التعجب من الفعل (انتصر) قلنا:

- ما أجمل انتصار الحق! أو أجمِل بانتصار الحق! (انتصار مصدر الفعل انتصر).

٢- إذا كانت صفة الفعل على وزن (أفعل) الذي مؤنثه (فعلاء)، نأتي بفعل مستوف للشروط السابقة، ثم بمصدر هذا الفعل منصوبًا، مثل: ما أشدّ حمرة الأزهار!

٣- إذا أردنا التعجب من الفعل المنفي نأتي بفعل مستوف للشروط وبعده (أن) المصدرية ثم بالفعل المنفي، مثل: ما أحسن أن لا يخيب من استشار!

٤- إذا كان الفعل مبنيًا للمجهول، أتينا بفعل مستوف للشروط، ثم نضيف بعده (ما) المصدرية، ثم نأتي بالفعل المبني للمجهول المراد التعجب منه، مثل: ما أكثر ما كوفئَ المُجِدّ!

٥- إذا كان الفعل ناقصًا، أتينا بفعل مستوف للشروط ثم بمصدر الفعل الناقص إن كان له مصدر، مثل: ما أفضل كونَ المطر غزيرًا هذا العام!

والآن بعد أن انتهينا من ذكر الشروط لننتقل إلى أساليب التعجب السماعية، ويقصد بها تلك الأساليب التي هي أصلًا لغير التعجب، ثم تدل عليه بالاستعمال المجازي، مثل:

١- لله درّه: للتعجب من شجاعة أو ذكاء شخص ما.

٢- سبحان الله!

٣- التعجب بالاستفهام، مثل: قال تعالى: «كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ»

٤- التعجب بالنداء، مثل: يا لروعة لوحات المعرض!

٥- التعجب بـ (فَعُلَ)، مثل: عَظُمَ الأمر!

٦- استعمال المصدر (عجب) ومشتقاته كـ (عَجِبَ) و (عجيب) في التعجب، مثل: عجيب أمر خالد لا يحترم مشاعر الآخرين!

وأخيرًا نذكر لكم أحكامًا خاصةً بأسلوب التعجب كي نُتِم فصل اليوم.

أولًا، لا يجوز تقديم المُتَعَجَّب منه على فعلي التعجب فلا تقول: ما محمدا أعلم.

ثانيًا، لا يفصل بين فعل التعجب والمتعجب منه إلا بالظرف أو الجار والمجرور، ويكون متعلق الظرف أو الجار والمجرور هو فعل التعجب، مثل: ما أروع ليلةَ تمام البدر! وما أجمل بالمرأة أن تحتشم!

ثالثًا، يمكن زيادة (كان) بين ما وفعل التعجب، مثل: ما كان أكرمَ حاتمًا الطائي!

رابعًا، الأفعال الجامدة لا يتعجب منها مطلقًا، مثل: نِعمَ، بِئسَ، ليس، عسى.

وهنا نكون قد وصلنا إلى نهاية فصلنا، أرجو أنه قد أفادكم بالشكل الكافي، أخيرًا تذكروا؛ ما أشد جمالكم وأنتم تزينون وجوهكم بابتسامة!

كانت معكم فارستكم المضيئة لايت التي تدعو أن تُضاءَ دروبكم بالنور ويغمر عطر الحب قلوبكم ❤.

وصايا الفرسانWhere stories live. Discover now