الجزء 6

64 2 0
                                    

تركت الكتاب من یدها وتوجهت صوب فاتن التي جلست على الارض لا تدري كیف تواجه الامر

تفحصت وجه زوجة عمها جیداً ، حاولت معرفة الامر إلا إن الأُخرى كانت غارقة في موج من الأفكار

حركت یدیها أمام وجهها عسى أن تخرج من دوامة التفكیر ، وإذا بفاتن تشهق مُتفاجأة وإغرورقت عیناها بالدموع

بعد أن رأت وجه زهراء النوراني أمامها إبتسامتها التي تُجبر المُقابل على الابتسام

أشارت لها أن تجلس ثُم حضنتها وأخبرتها إن سَكینة قد إنتقلت إلى رحمة الله تعالى !

أجل كانت صدمة ، بالأمس تحدثتا معاً ولَم یَكُن بها شيء ،

هل هَذِهِ خُدعة ؟

أم إِنَّهُ القدر الذي شاء أن یأُخذ مني كُل من أُحِب من جدید !

یدُ الموت لا تنفكُ أن تتركُني ، وهل سیتجدد حزني من جدید ؟

كان هذا حدیث زهراء مع ذاتها .

لم تنطق بحرف ، تركت فاتن و توجهت نحو غرفتها وكانت هادئة تماماً إلا إن عیناها لم ترتفعان عن الأرض أبداً

كانت دائماً على طهارة تُجدد وضوءها قبل أن تبدأ الدراسة و قبل أن تخلد الى النوم ،

أمسكت حجابها وجلست على سجادتها بتعب كما الجبل الذي هدتهُ قوة عظیمة

سجدت ، سجدةُ الشُكر !

تذكرت مولاتَها زینب بنت علي ورددت قولها علیها السلام : "اللَّهُمَّ إن كان هذا یُرضیك ، فخُذ حتى ترضى" !

تأكدت بعد الذي حصل إن هذا من أعظم اختبارات حیاتها

وقررت أن تصبر ولا تجزع ولا تحید عن موقفها وأن تبقى على الطریق الذي إستدلت علیه من خلال رفیقتها المُتوفاة التي كانت

تتمنى الشهادة تحت رایة المهدي عج .

لم تستطع خلال سجودها الذي طال أن تحبس دموعها بكت ولكن بصمت كما إعتادت

كان یقینها أن لا تستوحش إلى أحد إلا الله ،

سألت الله بخشوع أن یرحم صدیقتها وأن تلتقي بالزهراء في ذلك العالم الآخر لانها كانت أُمنیتها .

كان من الصعب علیها ذلك الفراق ، أصعب من أحداث والدیها لانها وقتها لم تكُن مُدرَكة للأمر ،

أما الان فقد فارقت قطعة من قلبها ومن سیكون المُعین لها في هذا الدرب ؟

ومن سیأخذ بیدها ؟ من سیوقظها من غفلتها إن غفلت عن ذكر المحبوب ؟

والعدید من التساؤلات التي ختمتها بجُملتها المُعتادة "توكلت على الحي الذي لا یموت"

وبعد أن أتمت قراءة سورة یس وإهداء ثوابها لروح سَكینة والنار تغلي في جوفها

ألقت السلام على إمام زمانها وتحدثت معه بتلك البساطة مُتیقنة إنه سیسمع ما تقول :

سلامُ الله علیك یا ولي الله

مولاي لا تترُك سَكینة وحدها فهي بحاجتك كما إنها كانت تُحبك

وأنت أهلٌ للكرم والجود

بأمانتك یابن الزهراء .

وغارت عیناها بالدمع وغصت بالكلام ولَم تستطع أن تُكمل ،

یبدو إن الامر صعب !

وبعد أن إستعادت زمام الامور وقبلت قُرآنها وضعتهُ على جنب و توجهت نحو فاتن

ومسحت بقایا الدموع المُتعلقة بأطراف رموشها ،

سألتها : كیف حصل ذلك ؟

إلتفتت نحوها فاتن وفشلت في أن تُخْفِي حُزنها هي الاخرى : عزیزتي زهراء تعالي وإجلسي هُنَا ، وأشارت إلى المقعد المجاور

وإستجابت زهراء وتحركت بهدوء وكأنها ثكلى لا تقوى على المشي !

وإستمرت فاتن بالكلام : لا أعرف كیف أبدأ بالكلام ولكن الامر الذي كُنا نجهله هو إنها كانت مریضة، أجل مریضة بالسرطان !

وكانت ترفض الخضوع للعلاج الكیمیاوي وإنها راضیة بقدرها وأهلها لم یمنعوها من تنفیذ رغبتها هذا ما أخبرتني خالتها صباح هذا

الیوم ..

فاضت دموع زهراء لا إرادیاً وقالت : كلمتان كانتا السبب في یُتمي داعش و السرطان ، الاول سینقضي بمشیئة الله على ید رجال

الله والثاني سأجتهد في إیجاد علاج له كي لا یترك أثراً مُراً في نفوس باقي البشر

كي لا یعیش أحد ألمي الذي عشته ..

لكن یا فاتن من أین كانت تستمد سَكینة قوتها؟

مریضة بالسرطان وتتمتع بكل تلك الحیویة والتفاؤل !

سُبحانك إلهي حقاً لَكَ في خلقك شؤون

رواية احبك بروحيDonde viven las historias. Descúbrelo ahora