الجزء 7

64 2 0
                                    

بعد عمها من العمل طلبتا منه زیارة أهل سَكینة ،كان الباب مفتوحاً لاستقبال المُعزین ، وضعت قدمها زهراء على عتبة الباب

وإستشعرت وجود رفیقتها

فأمتزجت بسمتها بحرارة دموعها المُنسكبة دون إرادة !

وبعد إداء الواجب جلست زهراء في زاویة من المجلس بصمت ، لاحظت إن مجلس العزاء هذا مُختلف

لا تصنُع فیه فأغلب الحضور مشاعرهم صادقة و لا مُبالغة فیه كما یحدث في أغلب مجالس العزاء والفواتح العراقیة حیث إیذاء

النفس مع بعض الأخطاء وإن كان من دون قصد إلا إنها إعتراض على مشیئة الخالق ، وهذا أمر مرفوض من قبل العقل والشریعة

.. أشارت بِطرفها صوب والدة سَكینة التي لم تترُك الْقُرْآن رغم تورّم عینیها من شدة البُكاء ، تلك عاطفة قلب الأُم .. بلا تفسیر ولا

تبریر ، یا لصبرهم ! یبدو إن مصداق الآیة "رجال صدقوا ما عاهدوا الله علیه" ماثلٌ أمامي .. فهي حافظت على ثباتها وحجابها

ووقارها

والأهم التواصل مع الله رُغم فجیعتها بأبنتها ! .. ذاك الشبلُ من هذا الأسد . أخذت زهراء قسطاً من الأوكسجین ثم تنهدت بحُزن ..

حُزن الشوق لرفیقة دربها .. لكن ما زال السؤال عالقاً في ذِهنها وكأنهُ علامة إستفهام حمراء مُضیئة لا تنطفئ إلا بالحصول على

الجواب ،وفجأة خطر في بالها أن تطلُب من أُم سَكینة السماح لها بدخول غُرفة سَكینة و رؤیة مُمتلكاتها وبالفعل وافقت أُم سَكینة مع

إبتسامة أمٍ مؤمنة صابرة .

توجهت وحدها زهراء فهي التي إعتادت على التواجد هُناك وكأنها تجرُ نفسها بخطوات مُتثاقلة ، هي لم تدع عاطفتها أن تطغى على

عقلها لكن الآن .. وكأنها تقولُ لإسكات العواطف والمشاعر كفى ، وأشرعت في البُكاء جالسة على أریكة رفیقتها المُتواضعة كان

كل شيء بسیطاً ، تواضع سَكینة ترك بصمتهُ بعد إنتقال روحها للعالم الآخر وبعد هُنیئة من الزمن تحركت صوب مكتب سَكینة ، كُل

شيء یضجُ بأسم صاحب الزمان !

القُرطاسیة ، الكُتب ، اللوحات وحتى القصاصات الصغیرة التي كانت تستخدمها للتحفیز والإیجابیة

كان علیها بعض الجُمل مثل "لأجلك یا یوسف الزهراء"، "كي لا یتأخر علینا أكثر سنُصلح أنفسنا" ،

"إذا أوفى أتباعنا بعهودها فبالتأكید لن یتأخر لقاؤنا" وهذا نصٌ من وصیة الحُجة عج لأحد نوابهُ و

" یا لثارات الحُسین" الذي هو شعار أصحاب المهدي عج ..

كأن الله أوحى لها بأنها قد حصلت على جوابها .. الآن عرفت من أین لسكینة كُل هذه الطاقة ومصدر هذا التفاؤل رُغم المرض

والظروف الصعبة .. إِنَّهُ حُب صاحب الزمان

القلب الذي یحتویه لا یرضى بالكسل بل هو كالفراشة لا تتعب ولا تمل ،

الفراشات العاشقة تتوجه نحو النور تسعى لیكتمل جمالها ، حین تُلامس أجنحتها ذلك النور الأزلي

فتحترق بجذوة العشق وتفنى !

ولا یبقى شيء .. سوى نور وجمال ذلك المعشوق ،

شعرت زهراء إن هذا هو طریقها وسعادتها ونعیمها

بدأت تشعُر بالنور یغمرُها وكأنها بدأت تتحول إلى فراشة وتشق طریقها نحو ذلك النور ، نحو المعشوق .

بعد أن إنقضى فصل مُرهق من حیاة زهراء ، لیس من السهل تجاوزه على ضعیف الإیمان ولكن المؤمن

لا یرى شيء فوق إرادة الله ورضاه لذا یتحلى بالصبر والحكمة ،

بعد عودتها لمنزلها في ذلك الیوم حدثت سلسلة من الأحداث من بینها إنها قد تجاوزت الأختبار الذي أعده الله لها

بسلام ونجحت فیه بلا شك بل الأكثر من هذا أُلهمت في ذاتها بإنها قد إرتقت الى مرحلة أعلى من التي هي فیها من مراحل الإیمان

والذي أكد لها هذا الأمر هو الآیة القُرآنیة التي أفرحتها حین فتحت كتاب الله للتفاؤل " ولما بلغ أشدهُ واستوى آتینٰه حُكْما وعلماً

وكذلك نَجْزِي المُحسنین ١٤ " من سوة القَصَص .

بعد إتمام الأربعین یوماً المُتفق علیها بین سَكینة وزهراء توفیت سَكینة لكن هذا لم یؤثر في عزم وإخلاص زهراء فبدأت بأربعینیة

جدیدة وبجدول جدید من دون رفیق ، مؤمنةً إن الله رفیق من لا رفیق له ،

وبعد إسبوعین من وفاة سَكینة ، إستیقظت زهراء على صوت خافت لكنهُ یصل الى المسمع لان نومها لم یَكُن ثقیلاً

كانت تُراعي توصیات العُرفاء في عدم الإكثار من طعام العشاء ،

كان الصوت .. بُكَاء فاتن تُناجي الله في صلاة اللیل وتطلبُ أمراً وتُلح في طلبه .. الأطفال

رواية احبك بروحيDove le storie prendono vita. Scoprilo ora