214 - حياة، والوحش النائم

1.1K 109 16
                                    

حملق الحكّام الثلاثة في نفس الوقت إلى لمياء بعد تصريحها الغريب بأعين متّسعة، فصرخ حاكم المياه: "ما الذي تقولينه يا حمقاء؟ أيّ وريث شرعيّ؟ هل تقولين أنّ هذا العفريت هو وريثنا الشرعيّ الذي انتظرناه كلّ هذه السنين المديدة؟ كيف لذلك أن يكون ممكنا وهو أجنبيّ في المقام الأوّل؟"

كان حاكم الجوّ وحاكم الريّاح يعلمان عن نوع القدرات التي استخدمها باسل حتّى نجا من هجماتهم تلك بالكامل، ولكنّهما لم يعلما كيف نجح في استخدام تلك القدرات وظنّا أنّه استعمل فنّا شرّيرا ما، لذا عندما قالت لمياء الشيء الوحيد الذي لم يريدا حتّى أن يفكّرا فيه، صدمتهم كلّهم، فازداد غضب حاكم المياه، واستفاق حاكم الجوّ وحاكم الريّاح، فظلّا ساكتين عاجزين عن تقرير الاتّفاق مع لمياء أو مخالفتها الرأي.

لم تجب لمياء حاكم المياه فصرخ في وجهها: "لقد سألتك سؤالا يا هذه، ردّي عليّ!"

*طننن*

دُقَّ رأس حاكم المياه من جديد وهذه المرّة كانت الضربة قويّة بشكل لا يوصف، وبما أنّه كان مقيّدا تماما وسحره قد خُتِم بسبب القيد على ما يبدو، فلم يكن هناك طريقة حتّى يدافع بها عن نفسه وضُرِب على رأسه حتّى فقد الوعي أخيرا.

تنهّد باسل ثمّ قال: "حسنا، يمكننا التحدّث بهدوء الآن."

حدّق الحكّام الثلاثة المستيقظون إلى باسل، منتظرين إجابته عن تصريح لمياء بفارغ الصبر. كانت لمياء في الواقع تأمل أن يكون كلامها حقيقة، كما لو أنّها قالت ذلك التصريح فقط كأمنية نابعة من قلبها.

ابتسم باسل لمّا رأى تعبيراتها تلك، ثم أجابها باسترخاء: "معك حقّ، أنا وريثكم الشرعيّ!"

بالرغم من أنّهم كانوا مقتنعين في قلوبهم من كونه الوريث الشرعيّ، إلّا أن سماع التأكيد من فمه قد زعزع أرواحهم وأدهش عقولهم.

سارعت لمياء وسألت: "ولكن كيف؟ أنّى لك وأنت أجنبيّ أن تكون وريثنا الشرعيّ؟"

نظر إليها باسل ولم يجب عن السؤال، كما لو كان ينتظر أحدهم أن يكتشف الإجابة بنفسه. وفعلا، صُعِق حاكم الريّاح ثمّ نظر إلى باسل باندهاش، فبلع ريقه بصعوبة وقال: "صحيح أنّه طُلِب منّا الحفاظ على قوانيننا وحماية شجرتنا العظيمة حتّى يأتي موعد ظهور الوريث الشرعيّ، لكنّ الوصايا المأثورة لم تقل شيئا قطّ عن وجوب كون الوريث الشرعيّ واحدا منّا."

حافظ باسل على ابتسامته تلك، وترك النهر يجري لوحده، فمهما المجرى الذي تتّخذه الأمور بعد الآن سيكون غير مهمّ له طالما تقتنع الوحوش النائمة بوراثته الشرعيّة اقتناعا كاملا.

اندهش الحاكمان الآخران، وفكّرا في منطقيّة كلام حاكم الريّاح، فسأل حاكم الجوّ مباشرة: "ولكن كيف؟"

لم يجب باسل، وظلّ مبتسما بهدوء فقط، فوردت فكرة في بال لمياء وأجابت بدلا عنه: "هناك طريقة واحدة ليكون بها الشخص وريثنا الشرعيّ، وهي ضرورة اختياره من طرف أبانا الروحيّ، وحشنا النائم!"

عصر الأهوال (تكملة)Where stories live. Discover now